رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين في مكاتب "بلدتي"

فادي عبود: يجب الترويج لفوائد الطاقة البديلة حمايةً للبيئة وتوفيراً لتكاليف إنتاج الطاقة

 

في سياق برنامجها الذي أطلقته مؤخرا بعنوان "اسأل الخبير"، والهادف إلى ربط اللبنانيين بمواطنيهم البارزين أو أصحاب الخبرات للإجابة عن أسئلة لطالما شغلت بال العديد من الناس، استضافت جمعية "بلدتي" رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين الأستاذ فادي عبود الذي رد على استفسارات الحضور حول مواضيع مختلفة أهمها الصناعات المحلية و"الطاقة البديلة أو المتجددة". ودام اللقاء لفترة تفوق الساعتين، قدم خلالها عبود تفاصيل وافية تحيط بالمسائل المطروحة من كافة جوانبها.

بعد كلمة مقتضبة لرئيس "بلدتي" المهندس شاكر نون رحب فيها بحضور الأستاذ فادي عبود إلى مكاتب الجمعية، بدأ عبود بتقديم لمحة تعريفية عن نفسه، ثم عن جمعية الصناعيين ودورها في لبنان. بعدها انتقل الدور للحضور في طرح أسئلة على الضيف الخبير، تمحورت حول الصناعات اللبنانية وقدرتها على المنافسة عالمياً، والطاقة البديلة ومدى استعمالها في لبنان، ومستقبلها في بلد لا يضع مسألة الحفاظ على البيئة ضمن أولوياته. وفي ما يلي بعض الأسئلة والأجوبة:

 

كيف تقيّمون الصناعة في لبنان بشكل عام؟

إن العمل والصناعة والانتاج يشكلون أساس كل بلد. لكن مشاكل لبنان كثيرة. فالبطالة المقنّعة تشمل أكثر من نصف الشعب اللبناني. بالتالي، من المهم جداً خلق فرص عمل جديدة. وللصناعة أيضاً مشاكلها العديدة، فنحن في لبنان ننسخ الأصناف الأجنبية لأننا نعتقد أن اللبنانيين يفتقدون للإبداع، لكن العكس صحيح، فالإبداع هو من أهم ميزات المواطن اللبناني.

وتبقى المشكلة الأهم كما أعتقد في عدم استطاعة لبنان دخول منظمة التجارة العالمية WTO طالما لم يتحول إلى بلد تنافسي. فالتنافس، خلافاً لما يعتقده بعض اللبنانيين، ليس شراً، بل هو مفيد جداً للمواطن، اذ أنه يمثل الطريقة الوحيدة لخفض الأسعار. لذا أقول أنه يجب إلغاء الاحتكارات في لبنان.

ما أهم الـ"Success stories"، أو الصناعات التي أثبتت نجاحها؟

توجد في بلدنا صناعات على مستوى عالمي. اسمحوا لي أن أبدأ بصناعتين أعتبرهما ناجحتين محميتين بالرغم من معارضتي للاحتكار، وهما أولاً الاسمنت، حيث ينتج لبنان اسمنتاً بنوعية ممتازة، ويصدره إلى الخارج. وثانياً، النبيذ الذي أصبح عالمياً، وجودته ممتازة تخوّله منافسة كل أنواع النبيذ الأجنبي المعروفة عالمياً.

أما الصناعة اللبنانية التي تنتقل من النجاح المحلي إلى العالمي، فهي تصميم الأزياء الـHigh Fashion، لا سيما بوجود المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب الذي رفع مع زملائه إسم لبنان عالياً في مجال الموضة. وصناعة الاعلام تعتبر أيضاً ناجة جداً، إذ ترى سيطرة لبنانية بامتياز على الساحة العربية في هذا المجال. أما  المجوهرات، فهي تشكل صناعة أساسية إذ أنها قائمة منذ عهد الفينيقيين، وحجم صادراتها قد يصل إلى مليار دولار. وأخيراً، هناك الصناعات الغذائية التي نعمل حالياً كجمعية صناعيين على تذكير العالم بها، مثل الحمص والتبولة مثلاً وهما يمثلان "صناعة لبنانية بامتياز"، وقد لجأنا إلى المحاكم لتأكيد ذلك. وأجريت شخصياً أكثر من 62 مقابلة صحفية للتأكيد على هذا الموضوع، وقلت جملتي الشهيرة عن اسرائيل وادعاءاتها بأنها هي من أخترع الحمص: "ليس كافياً أنهم سرقوا أرضنا، فهم يحاولون أيضاً سرقة مطبخنا". والمشكلة الأكبر هي أن اسرائيل دخلت موسوعة الغينيس من خلال أكبر صحن حمص وأكبر صحن تبولة. وهذا ما سنحاول تغييره لنثبت أننا نحن من اخترع الحمص والتبولة. وللتأكيد على ذلك، تصفحت أرشيف الكنيسة لأجد أن مزج كل هذه المكونات هو اختراع لبناني. والأغرب أن أكثرية المحال التجارية في أوروبا تقدم الحمص في علبة مدوّن عليها أنها منتج متوسطي يوناني "Mediterranean greek dip"، فعلينا حالياً تذكير العالم بأن هذا المطبخ المتوسطي جاء من لبنان.

 

لننتقل إلى الطاقة البديلة: ما مدى استخدامها في لبنان؟

إن نسبة استعمال الطاقة البديلة لا تتعدى الواحد بالألف من مجمل الطاقة المستخدمة في لبنان، فهي شبه معدومة، وتقتصر فقط على حالات قليلة لجأت فيها بعض العائلات إلى استخدام الطاقة الشمسية لتسخين المياه في منازلها، فوضعت على سطوحها ألواحاً خاصة لتخزين الطاقة الشمسية. وهذه الظاهرة هي جديدة نسبياً، إنما يجب أن تنتشر بين كامل اللبنانيين، خصوصاً أنها لا تزال حتى الآن تمثل مبادرات فردية لجماعات تهتم بالبيئة.

ما دور الدولة أو الحكومة في دعم هذا القطاع؟

يمكن القول أن الدولة اللبنانية لا تقوم بأي مجهود لتعزيز استخدام الطاقة البديلة ونشر فكرتها في لبنان، في وقت يعتبر هذا الأمر أساسي وضروري ليس فقط لأسباب بيئية، إنما أيضاً للمساعدة على خفض نفقات الدولة في مجال إنتاج الطاقة. بالتالي، إن دعم الدولة أساسي ومهم في هذا الإطار. ففي أوروبا مثلاً، تشجع الدول استخدام السيارات الصديقة للبيئة، وذلك عن طريق شرائها للسيارة القديمة بمبالغ مرتفعة لكي تحثّ المواطنين على طلب سيارات جديدة صديقة للبيئة. انطلاقاً من هنا، يجب على الدولة وضع قوانين وتشريعات من شأنها معاقبة كل من يسيء للبيئة، ومكافأة من يعمل لصالحها. ومن المكافآت التي يمكن تقديمها مثلاً تخفيض رسوم البلدية لكل من يستخدم الطاقة الشمسية لتسخين المياه. ويبقى الدور الأهم بالنسبة للدولة هو نشر التوعية حول محاسن الطاقة البديلة، والترويج لها من خلال إعلام المواطنين بفوائدها في حياتهم اليومية.

ما هو برأيكم أهم مصدر للطاقة المتجددة التي يمكن للبنان استعمالها؟

يمكن اعتبار الشمس المصدر الأول في لبنان لإنتاج الطاقة البديلة إذ أن هذا البلد يتمتع بـ350 يوم مشمس في السنة. أما المصدر الثاني فهو المياه، وأفضل خطة على هذا الصعيد تكون في بناء 27 سد على كافة الأراضي اللبنانية لإنتاج الكهرباء. فلبنان يتميز بثرواته الطبيعية، وهو الوحيد بين الدول العربية الذي لديه ثروة مائية كبرى. وباعتقادي قد حان الوقت لبلدنا في أن يستغل ثرواته الطبيعية لخدمة المواطنين وتأمين العيش الكريم لهم.

 

كلمة أخيرة؟

أتمنى أن يصبح للبنان محكمة عالمية مالية إذ أن حجم الفساد في اليوم الواحد يصل إلى 3 ملايين دولار، وهذا الرقم خيالي لا يصدّق...