في النسبيّة... لمن سيكون صوت التفضيل؟

في النسبيّة... لمن سيكون صوت التفضيل؟


حسين قطيش -


قبل ان ينجز وزير الداخلية مشروعه ويرسله الى مجلس الوزراﺀ لا بد من طرح بعض الاسئلة حول النسبية المقترحة وكيفية تطبيقها في مدينة بيروت اولاً وفي سائر البلديات الكبرى والصغرى. والسؤال المهم في هذا المجال هو صوت التفضيل، ومع من سيكون هذا الصوت، مع الناخب او مع "زعيم" اللائحة؟ فالقاعدة العامة للنسبية هي حصول التنافس بين لائحتين او ثلاث لوائح مقفلة تفوز كل لائحة بمقاعدها بنسبة ما تحصل عليه من اصوات، ويكون الفوز حسب تسلسل الاسماﺀ في كل لائحة . وهذه الاسماﺀ يقوم بوضعها تسلسلياً "زعيم" اللائحة او الحزب السياسي الذي يدعمها. وعلى اعتبار ان الترشيح هو غير طائفي في البلديات فان الاسماﺀ التي يكون ترتيبها اولاً هي التي ستفوز، وهذا يعني ان ممثلي طوائف ومذاهب معيّنة قد يحرمون من هذا الفوز، الا اذا عمد "زعيم" اللائحة وصاحب السلطة في تحديد اولويات هذه اللائحة الى توزيع الاسماﺀ الاولى على الطوائف التي تتألف منها المدينة او البلدة، الامر الذي يجعل هذا الزعيم هو الآمر الناهي في تأمين تمثيل او حرمان او عدم حرمان طوائف معينة
.

   ولو اخذنا على سبيل المثال بلدية بيروت، فان تيار المستقبل الذي هو الاقوى بيروتياً سيضع اسماﺀ اللائحة المدعومة منه. وقد يعمد بالاتفاق مع حلفائه المسيحيين في بيروت الى وضع الاسماﺀ الاولى في لائحته، واحد مسلم يليه واحد مسيحي، وهكذا حتى الوصول الى الرقم الاخير من هذه اللائحة. وفي ذات الوقت جرى تأليف اللائحة المنافسة على نفس القاعدة، وكذلك اللائحة الثالثة اذا وجدت لائحة ثالثة، فيكون الفوز في هذه الحالة موزعاً على الطائفتين الاسلامية والمسيحية بشكل متساو او مع خلل بسيط، ولكن من دون التقيّد بمذاهب الطائفتين - وهي مشكلة جديدة- حيث قد يصيب الحرمان بعض هذه المذاهب... ولكن من يضمن ان تتألف اللوائح الثلاث المتنافسة على هذا الاساس، ثم لماذا يجب ان يكون "" زعماﺀ اللوائح الثلاثة هم اصحاب السلطة في تحديد وتوزيع اسماﺀ اعضاﺀ اللوائح؟ ولو افترضنا ان اللائحة الاولى تألفت على الشكل المشار اليه "واحد مسلم واحد مسيحي" وعمد "زعيم" اللائحة الثانية الى عدم التقيد بهذه القاعدة حيث لا يوجد في القانون ما يجبره على ذلك، فان الخلل حينئذ سيحصل حتماً في المناصفة المطلوبة بين المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن الخلل الذي لا بد من حصوله في تمثيل كل او معظم مذاهب الطائفتين. وما ينطبق على بيروت في هذا المجال ينطبق على عدة مدن اخرى ومنها طرابلس وزحلة وبعلبك وكل بلدة او مدينة يوجد فيها اكثر من طائفة ومذهب، وان كانت بيروت هي الاصعب والاكثر دقة واحراجاً! ولذلك يمكن طرح السؤال: لماذا لا يعطى صوت التفضيل للناخب بدل ان يكون هذا الصوت مع زعيم او رئيس اللائحة. وذلك بان تؤلف اللائحة كا يريد القيّمون عليها ويُترك للناخب ان يزكّي اسماً او اسمين من هذه اللائحة ليصار بعد الفرز الى اعلان فوز من حصل على الاكثرية، ممن فضّلهم الناخب، وبالتتابع من هذه اللائحة ومن اللائحة او اللوائح المنافسة، وبذلك يصبح كل عضو من اعضاﺀ اللائحة مؤهلا للفوز حتى الذي يحمل الرقم الاخير في لائحته اذا نال اصواتاً تفضيلية اكثر مما ناله سواه من زملائه في ذات اللائحة..! .

اننا لا نطلب تأجيل الانتخابات البلدية، والكل يطالب بان تجري هذه الانتخابات في موعدها ومع الاصلاحات، ونحن منهم، بالرغم من انهم جميعاً مع هذا التأجيل الذي يجب ان يحصل لكي يتمكن وزير الداخلية واجهزة وزارته من تطبيق القانون الجديد تطبيقاً سليماً وجيداً، حيث المطلوب حملة تثقيفية واسعة واجراﺀات ميدانية ادارية وامنية للانتقال بلبنان من عصر الى عصر، وحيث من غير الجائز فشل هذه التجربة، بل يجب ان تنجح، ليصار الى تطبيقها بروح ايجابية في الانتخابات النيابية المقبلة، لان الجميع في الداخل والخارج اصبح على ثقة تامة، بان الحل الافضل والامثل لقيام الدولة ومؤسساتها هو انتخاب مجلس نواب يمثل شتى فئات الشعب واجياله ولا يمكن تحقيق ذلك الا عبر قاعدة النسبية... ومع صوت التفضيل حتماً!


Reference: Tayyar.Org