روزنامـة «الوحـي»: رسـوم تعالـج اضطرابـات مزاجيّـة

روزنامـة «الوحـي»: رسـوم تعالـج اضطرابـات مزاجيّـة

«لاعبا ورق الشدّة» هما بطلا الرسم الذي خصّصته روزنامة «الوحي» لشهر شباط الجاري. واللوحة لا تعود لفنان ذاع صيته عالمياً أو على الصعيد المحلي، ولا هي أحد أعمال هاو أو مبدع لم ينل ما يستحقّه من شهرة. هي رسم لأحد المشاركين اللبنانيين في «برنامج الوحي»... أحد الذين يعانون اضطرابا مزاجيا.
وكانت لجنة تحكيم مؤلّفة من اختصاصيين وأطباء نفسيين قد اختارت 12 لوحة من أصل 35 لروزنامة العام 2009 التي أعدّتها شركة «غلاكسوسميث كلاين» للأدوية، بهدف زيادة الوعي حيال الصحّة العقليّة والنفسيّة في لبنان. أما اللوحات بحسب ما يوضح وائل شُربجي، أحد القيّمين على «برنامج الوحي» في الشركة، فهي تعود لمرضى يعانون اضطرابات مزاجيّة مختلفة وتجري متابعتهم. «رأينا أن المصابين بأمراض اضطراب المزاج لا يستطيعون في بعض الأحيان أن يعبّروا لطبيبهم ولا حتى لمن حولهم بالكلام. لكن ذلك لا يمنعهم عن التعبير من خلال وسائط أخرى منها العلاج بالفنون (art therapy)«. وانطلقت الفكرة وإن انحصرت المشاركات بـ35 مريضا جرى الاتصال بهم من خلال الأطباء المعالجين.
لكن الروزنامة لم تختصر البرنامج، فأعدّ معرضا للوحات بالتزامن مع محاضرة نظّمت حول العلاج بالفنون. ويلفت هنا شُربجي إلى أن هذه الأعمال لم تعرض بهدف البيع بل للتوضيح أن «هؤلاء، على الرغم من معاناتهم، قادرون على إنتاج أشياء مهمّة ومميّزة«.
الدكتور نبيل ميقاتي، رئيس الجمعيّة اللبنانيّة للطبّ النفسي، كان واحداً من أعضاء لجنة التحكيم التي اختارت اللوحات الرابحة. بالنسبة إليه، «هناك علاجات مختلفة بالفنون لجميع الحالات النفسيّة وهي من شأنها أن تساعدهم على «التنفيس» (catharsis)، بحسب نظريّة فرويد. فالإنسان ومن خلال الهوايات والنشاطات الفنيّة يستطيع أن يعبّر عن مشاعره، تماماً كما يفعل الكاتب والشاعر». ويشير ميقاتي إلى أن لدينا اليوم «رسوماً في كهوف تعود إلى ما قبل 25 ألف عام. منذ ذلك الوقت بدأ الإنسان يعبّر عن غضبه وتجاربه بالوسائل الممكنة». ويتحدّث عن العلاج بالرسم الذي يساعد وبحسب الدراسات على الصفاء الذهني إذ ينفّس المرء عن مكنونات نفسه ورغباته المكبوتة. «فمن خلال الرسم والشعر والدراما يُصار إلى ما يسمّى «إعادة خلق» (re-creation).. كأنما يخلق الإنسان ذاته من جديد». يضيف أنه تشجيع المرء على هذا النوع من العلاج قد يساهم في تعزيز العلاقة بين المصاب بالاضطرابات المزاجيّة ومعالجه.
وهذه الاضطرابات المزاجيّة يختلف بعضها عن بعض، فيحاول ميقاتي تبسيطها مشيراً إلى أنها تتمحور حول الفرح الشديد والانبساط والتفاؤل الأقصى وعكس ذلك أي الانقباض والحزن والاكتئاب (depression) والكآبة (melancholy). ويتحدّث عن اضطراب ثنائية القطب (bipolar disorder) وعن القلق الدائم (anxiety disorder) والقلق الاجتماعي (social anxiety) والوسواس القهري (obsessive compulsive disorder) واضطراب الهلع (panic disorder). كما يلفت إلى الذين يعانون من عكر المزاج، وهؤلاء سريعو التأثر الذين يضعفون أمام الصدمات، وآخرون يعانون من قلة النشاط والشعور بالتعب...
روزنامة «الوحي» صدرت وضمّت لوحات تروي قصّصاً مستوحاة من تجربة الرسامين الشخصيّة ومعايشتهم للاضطراب الذي يعانون منه. إلى ذلك، أرفق هؤلاء أعمالهم الفنيّة بكلماتهم الخاصة التي أتت لتعبّر مع الرسم عن ذاته أكثر فأكثر. بالنسبة إلى شُربجي «المشروع نجح، ولدينا خطّة لتطويره وتوسيعه بالحجم وكذلك بالأفكار». فهو قد يشمل أنواعاً أخرى من الفنون كالتصوير أو الشعر أو النثر... فهناك أكثر من وسيلة يمكن التحرّك في فلكها.

 

 

www.assafir.com