خطة سير للانتخابات

تناول البحث بين وزير الداخليّة زياد بارود ونظيرته الفرنسيّة السيدة ميشال آليو ـ ماري وضع خطة سير لمواكبة الانتخابات النيابيّة، ويبقى للبحث صلة على مستوى الخبراء والتقنييّن للتوفيق بين ما يحتاجه لبنان، وما يمكن ان تقدمه فرنسا ودائما وفق معايير المصلحة الوطنيّة العليا.

وجهة الخطة، وفق بعض المتتبعين، هي أمنيّة بامتياز، وضمن نطاق الحرص على تغليب الشفافية وتأمين السلامة للعمليّة الاقتراعيّة، وتوفير مقتضيات الحرية والأمن للمقترع حول مراكز الاقتراع وداخل القاعات لكي يقوم بواجبه متحررا من أي ضغوط ماديّة او معنويّة.

أما الأسباب الموجبة، والتي حملت فرنسا ـ وربما دول صديقة وشقيقة أخرى ـ على تقديم المساعدة، إذا كان الجانب اللبناني يقبلها، فتتصل بغياب برامج العمل الوطنيّة، فيما البرامج السياسيّة بمجملها، صورة منقحة عن المواقف المعروفة، سواء لقوى الأكثريّة او الأقليّة، والتي تدفع بالناخب الى الاصطفاف الفئوي والطائفي والمذهبي، أكثر مما تشجعه على الاختيار بين طروحات وطنيّة يفرضها واقع لبنان الامني والسياسي والاقتصادي والإنمائي والاجتماعي وسط المتغيرات والتحديات التي تواجهها المنطقة.
 
والدليل ـ والكلام هنا لمصدر واكب جولة وزيرة الداخليّة الفرنسيّة ـ « ان فرنسا ساركوزي لم تسمع طرحا انتخابيّا عند هذا الفريق السياسي او ذاك يتحدث بشجاعة عن واقع العلاقات اللبنانية ـ السوريّة، وما يريد ان تكون عليه مستقبلا، آخذا بعين الاعتبار كلام الرئيس بشّار الأسد الأخير، والتطور الايجابي في الاعتراف الدبلوماسي وتبادل السفراء».

ومع غياب البرامج الوطنيّة تصبح الحاجة ملّحة لوضع خطة سير أمنية لمواكبة الانتخابات، بعد طغيان التعبئة المذهبيّة لتشكل القاسم المشترك عند معظم القيادات بهدف استثارة الغرائز وتعبئة الشارع الانتخابي، والدفع به مذهبيّا وطائفيّا الى صندوقة الاقتراع، والدليل ان الكلام المنسوب لرئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في إحدى الخلوات الخاصة قد أدى خدمة قصوى للطائفيين والمذهبيين، ولا همّ إن اعتذر أو ترفع عن الاعتذار، بل المهم انه قال كلمته ومشى، وكان المستفيدون من انتقاداته خصومه قبل حلفائه، سواء أكانوا مسيحيين او مسلمين، لأنه أثار العصبية المذهبيّة، وترك الإعصار يفعل فعله على سطح المستنقع الطائفيّ الهائج قبلا.

وبمعزل عن الاعتبارات الوطنيّة والسياسيّة، هناك ثغرات أمنيّة تخترق اليوميات الانتخابيّة، قد لا تكون أسبابها مرتبطة بالاستحقاق الديموقراطي، لكن تزايد عددها من جهة، وتداعياتها من جهة أخرى تستدعي اليقظة والاهتمام، وتفرض على أي خطة سير سيصار الى اعتمادها لمواكبة الانتخابات ان تتصدى «لبقعة الزيت» هذه، وتحاصرها وتمنع المستفيدين منها من التكرار وسعة الانتشار. وما تسجله فرنسا والدول الصديقة المهتمّة، لا يتجاوز حدود المعروف والمعلن من قبل السلطات اللبنانية المختصة، فهناك اعتداء استهدف الجيش مؤخرا، وهناك عمليات خطف حصلت وتمتّ تصفيات جسديّة، وهناك ظاهرة السلاح اللاشرعي المنتشر إن في صفوف المواطنين او الميليشيات او الاحزاب او التنظيمات سواء أكانت لبنانية او مقيمة فوق الاراضي اللبنانيّة، والتي يمكن ان تستفيد من الأجواء السائدة لممارسة الإبتزاز السياسي او المادي او المعنوي ـ الترهيبي، من دون إغفال الحوادث الفرديّة اليوميّة والتي قد تتكاثر مستفيدة من المناخ العام السائد في الساحات الانتخابيّة.

ويبقى في جردة الحساب المتداولة حاليا موضوعان لا يمكن التهاون بشأنهما: تفاعل جوانب أمنية ـ قضائيّة على صلة بالمحكمة الدوليّة وجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري على ابواب الانتخابات، واكتشاف الشبكات الإسرائيليّة، وما تظهره التحقيقات من اعترافات خطيرة تفرض على المعنيين وضع خطة سير تمنع أي اختراق إسرائيلي محتمل لمسار الانتخابات سواء أكان أمنيّا او وطنيّا
؟!.

جورج علم (السفير) ، الثلاثاء 21 نيسان 2009                                                   

Ref: http://www.nowlebanon.com/Arabic/NewsArticleDetails.aspx?ID=89688&MID=87&PID=46