"هيومان رايتس ووتش:قرار اتهامي واحد والتحقيقات الأخرى تعطلت

اصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش بيانا امس في الذكرى السنوية الاولى لأحداث 7 ايار 2008 لاحظت فيه أنه "بعد عام من نشوب القتال بين جماعات المعارضة والجماعات المؤيدة للحكومة، التي خلفت 110 قتلى على الاقل، لم تعلن السلطات اللبنانية نتائج تحقيقاتها في مقتل المدنيين. وحتى الآن، لم يصدر القضاء غير قرار اتهامي واحد في حق شخص اطلق النار على المدنيين، بينما تعطلت التحقيقات الاخرى ولم تسفر حتى الآن عن مقاضاة آخرين.
وقال نديم حوري، الباحث الرئيسي في هيومان رايتس ووتش: "حروب لبنان السابقة اظهرت ان الاتفاقات على وقف القتال لا تدوم اذا تجاهلت محاسبة المسؤولين عن الهجمات بحق المدنيين". وتابع: "السبيل الوحيد للخروج من هذه الدائرة المفرغة هو ان يحمل الشعب اللبناني الجناة مسؤولية افعالهم".
وكانت هيومان رايتس ووتش قد زارت في اثناء القتال مناطق لاقى فيها المدنيون حتفهم، وشاهد باحثوها عناصر من الشرطة والجيش يجرون تحقيقاتهم. ولكن في جميع الحالات تقريبا، تعطلت التحقيقات، ولم يتخذ القضاء خطوات اضافية. وقال محام لأسرة سقط منها ضحية في بيروت لهيومان رايتس ووتش: "اختفت التحقيقات. كلما سألنا اين توقف التحقيق، يقولون انهم لا يعرفون مكان الملف. الحقيقة انهم لا يريدون ان يعرفوا".
وايلي غسان محام آخر يمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي، وقد مات بعض اعضائه ومقاتليه في بلدة حلبا الشمالية اثر تعرضهم للضرب والمعاملة السيئة من مسلحين، قال لهيومن رايتس ووتش معربا عن الاحباط نفسه: "اعطينا الادعاء تسجيلات فيديو تظهر من قتل اعضاء الحزب. بل اننا اعطيناهم اسماء من يظهرون في التسجيلات. وحتى الآن لم يحدث شيء، فقد تجمد الملف؟.
وقال نديم حوري: "في ظل وجود ادلة على وقوع جرائم جسيمة العام الماضي، يصعب فهم سبب عدم وصول التحقيقات الى نتائج محددة". واضاف: "لا بد من ان توضح السلطات اللبنانية اين تقف التحقيقات حاليا".
وقد عثرت هيومان رايتس ووتش على قرار اتهام قضائي واحد فقط حتى الآن على صلة باحداث عنف ايار 2008. وفي ايلول، اصدر عبد الرحيم حمود، قاضي التحقيق الاول في بيروت، قراراً اتهاميا بحق شخص متهم بقتل مدنيين اثنين واصابة ستة آخرين، اثر شجار نشب خلال جنازة في طريق الجديدة، في بيروت، يوم 10 أيار. وفي وقائع اخرى، احتجزت الشرطة والجيش افراداً للاشتباه في حيازتهم اسلحة ومتفجرات، لكنها اطلقت كثيرين منهم بعد مدة وجيزة.
وبدوره اصدر مركز سكايز للدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية بياناً "في الذكرى السنوية الاولى للاعتداءات المسلحة على بعض المؤسسات الاعلامية" افاد فيه ان العاملين في المجال الصحافي "يتذكرون بمرارة الاعتداءات التي عاشها الجسم الصحافي اللبناني اثر احداث ايار في العام الفائت، وسط عجز القوى الامنية عن التدخل".
واضاف: "في ايار 2008، تمت محاصرة مبنى صحيفة "المستقبل" في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، واقتحامه، وجرى اطلاق النار والقذائف عليه، على رغم وجود الصحافيين فيه، بالاضافة الى احراق طبقاته الثانية والرابعة والخامسة، والتعامل العنيف مع الصحافيين داخله. وكذلك تعرض عاملون في تلفزيون "المستقبل" ايضا للعنف والاهانات، وتم قطع البث واتلاف جزء من الارشيف وسرقة جزء آخر.
بالاضافة الى ذلك، تم اقفال مجلة "الشراع"، كما احتجز اكثر من ثلاثين عاملا، بين صحفي وتقني، في مبنى صحيفة "اللواء"، في شارع الاستقلال، في ظل اطلاق النار العشوائي على مدخل مبنى الصحيفة ومحيطه، ومنعوا من المغادرة او نقل اخبار صحيفتهم الى المطبعة، مما أخر الطبع والنشر في اليوم التالي.
كما احرق مبنى اذاعة "سيفان" في بناية النجاح – شارع مار الياس، بديكوراته ومعداته الحديثة، بعد اربعة ايام على بدء العمل فيه، وذلك بقصف قارورة غاز مطبخ الاذاعة، من المبنى المقابل، مما ادى الى احراقها كلها، اضافة إلى جزء من ارشيف تلفزيون "المستقبل" الذي كان مودعا في شقة ملاصقة مملوكة لاذاعة الشرق. وافاد شهود عيان بسرقة بعض موجودات الاذاعة من مسلحين مجهولين قبل قصفها.
كما تعرض العاملون في مكتب القناة التلفزيونية "العربية" للتهديد بالتعرض لهم اذا ما مارسوا عملهم، واتهموا من قبل وسائل اعلامية محلية بالخيانة: "العربية يعني العبرية".
وعلى صعيد آخر، تم منع العديد من الصحافيين من التعبير عن آرائهم بإزاء احداث ايار 2008، في وسائل اعلامية عدة، لمجرد تعارضها مع رأي القيمين على المؤسسة التي يعملون ضمن فريقها".
وتابع: "يواجه الحبر والكلمة بالاقصاء الجسدي والعنف. وعلى أمل ان يكون شهيدا الصحافة سمير قصير وجبران تويني الصحافيين الأخيرين في قافلة شهدائها يدعو مركز "سكايز" القوى السياسية المتنافرة الى التزام عدم تكرار الاعتداء على الاعلام اللبناني تحت اي ظرف كان، كما يطالب القوى الامنية اخذ دورها في حماية الصحافة ومنشآتها والعاملين فيها، في اطار حماية حق المواطنين في التعبير الحر عن آرائهم، كما وتلقي الخبر والمعلومة بكل حرية، أسوة بكل شعوب العالم المتحضر".

www.annahar.com