البلديات: تأجيل+اصلاحات أو قانون 1998 .. أسبوعان للحسم

 ديانا سكيني- صدى البلد


هل تُحتسب مهلة الأربعين يوماً التي يتاح لمشروع قانون الانتخابات البلدية الرزوح خلالها تحت قبة البرلمان من تاريخ إنعقاد اللجان النيابية أم من تاريخ عرضه في جلسة عامة؟ ماذا عن التمايز في الآلية التشريعية بين العقدين العادي والاستثنائي لمجلس النواب؟ كيف سيتم حل المأزق الدستوري الكامن في تزامن انتهاء صلاحية مجالس بلدية لم يمدد لها بقانون صادر عن مجلس النواب، مع عدم بت المجلس نفسه لمشروع القانون في المهلة المحددة؟
أسئلة ذات بعد قانوني تترافق مع إنطلاقة دراسة اللجان النيابية اليوم للمشروع الاصلاحي في ظل حماسة نيابية متفاوتة لم تبدد الشكوك حول مقولة "التكاذب السياسي المفترض" التي تغذيها ارض التحضير للانتخابات الخامدة، تماما كما تغذيها كلمات نائب عن الأمة يخبرك بأنه لم يطلع على مشروع القانون بعد!!

ديانا سكيني

العاشرة والنصف صباح اليوم يجتمع أعضاء لجنة المال والموازنة النيابية للشروع بنقاش مشروع قانون الانتخابات البلدية المحال من مجلس الوزراء، بالتزامن مع التئام لجنتي الدفاع الوطني والبلديات، والادارة والعدل لنقاش المشروع نفسه، فيما تبرز مشكلة عملية في تواجد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود في اجتماعات اللجان المتزامنة.
اللجان الثلاث كثفت جدول اجتماعاتها على أمل الانتهاء من درس المشروع قبل مهلة الخمسة عشر يوما التي سيتحتم من بعدها تحويله الى هيئة المجلس.

لغط قانوني

مهلة بدأ لغط قانوني يُثار حولها لعدم استباقها بجلسة عامة للمجلس النيابي يبدأ من تاريخ انعقادها إحتساب مهلة الأربعين يوما التي سيرزح فيها مشروع القانون المعجل تحت قبة البرلمان.
المعضلة القانونية التي ستكون محط نقاشات دستورية في الايام المقبلة، لا تعدو كونها إحدى الإشكاليات الدستورية التي تحوم حول المسار التشريعي لمشروع القانون ولمصير الانتخابات البلدية بأسرها.
عمليا يفترض باللجان الثلاث أن تنهي دراسة المشروع في 25 آذار، لتبقى أمام المجلس مهلة 25 يوماً للبت في مشروع القانون.
في الثاني من أيار تنتهي ولاية بعض المجالس البلدية ما يحتم استعجال وزير الداخلية والبلديات في دعوة الهيئات الانتخابية انسجاما مع النص القانوني الذي يحدد هذه المدة بين صدور المرسوم واجراء الانتخابات بثلاثين يوما على الاقل خلال الشهرين اللذين يسبقان إنتهاء ولاية المجالس البلدية. وهنا سيكون المجلس النيابي مجبراً على اصدار قانون يمدد فيه ولاية المجالس البلدية لفترة تتيح له الانتهاء من دراسة الاصلاحات في حال كان الاتجاه لاعتماد احد المشروعين القديم او الجديد معدلين.
وتشكك بعض الآراء القانونية في دستورية اي تمديد او تأجيل طويل غير مبرر حيث ستتيح هذه الخطوة ثغرة أمام امكانية الطعن لغياب مبرر موجب لهذا التأجيل طالما ان نقاش مشروع القانون استغرق في مجلس الوزراء 7 جلسات لتخرج بعد ذلك أصوات وازنة من القوى السياسية التي صوتت مع اقراره وتنتقد أبرز اصلاحاته المجسدة بالنسبية.
وفي حال تم تفادي خيار التأجيل، فان على المجلس ان يقول كلمته لجهة رفض الاصلاحات والسير بالانتخابات على اساس القانون الساري المفعول.

الإشكالية الزمنية

حول الإشكالية المثارة التي تقول بعدم إحتساب مهلة الاربعين يوما التي يتاح فيها لمشروع القانون البقاء في المجلس والتي "لا تحتسب الا من تاريخ عرضه في جلسة عامة"، يؤكد رئيس لجنة الدفاع الوطني والبلديات النيابية سمير الجسر لـ"صدى البلد" صوابية هذا الرأي لكنه ينوه الى ان المجلس النيابي وفي زمن الفراغ التشريعي، اي حين لا يكون هناك عقد عادي (من رأس السنة حتى 15 آذار) ويصار الى افتتاح عقد استثنائي بمرسوم من مجلس الوزارء، فانه يجب النظر في مشاريع القوانين المتاح نقاشها والآلية الدستورية لدراسة مشاريع القوانين وبتها وتماهيها مع آلية الدورات العادية.
ويقول الجسر أن اجتماع "اللجان اليوم سيكون تمهيدياً بحيث يتم الاتفاق على الآلية التي ستعتمد لدراسة المشروع ولتكثيف مواعيد الجلسات بهدف تسريع النقاش". علما ان من النواب من اطلع على مشروع القانون من 24 ساعة فقط ومنهم من لم يطلع عليه بعد.

تحويل المشروع

ويشير الجسر الى أن "تحويل المشروع من الحكومة التي تمثلنا لا يعني التسليم بكل تفاصيله حيث يجب ان يكون هناك تبادل آراء بشكل علمي ومجد يحترم وجود آراء مختلفة حول تفاصيل القانون حيث لا بد من الوصول الى تسوية في الرأي بين الاطراف السياسية المختلفة "، مؤكداً السعي الى الانتهاء من دراسة مشروع القانون من ضمن المهل الدستورية.
الجسر الخارج من اجتماع كتلة المستقبل بالامس قال ان "كتلته تؤيد الاصلاحات المطروحة". ولا يبدو ان المستقبل لا يحمل لائحة باشكاليات او ملاحظات جوهرية على مشروع القانون باصلاحاته.
أما الملاحظة التي يتقاسمها أكثر من طرف سياسي والمشككة في جدوى تطبيق النسبية على الدوائر الصغيرة، فهي محط نقد من قبل الجسر الذي يقول "بعدم جواز اعتماد قانونين انتخابيين على الاراضي اللبنانية كونه منافيا لمبدأ المساواة"، مقرا انه "لكل قانون حسناته وسيئاته، فاذا كانت النسبية في الدوائر الصغيرة تسفر عن بعض الحساسيات السياسية فهي من جهة أخرى تتيحُ تمثيل الجميع".


التأجيل المتاح

من جهته، عضو لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب غسان مخيبر تمنى في حديث لـ"صدى البلد" لو أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قام بتحويل مشروع القانون الى اللجان المشتركة بدلا من تحويله الى اللجان الثلاث كل على حدا، الأمر الذي كان سيسرع وتيرة النقاشات ويجعلها أكثر عملية حيثُ سيتعذر على سبيل المثال تواجد وزير الداخلية في الاجتماعات التي ستعقد في اوقات متزامنة.
ويؤكد مخيبر المبدأ القانوني القائل باحتساب مهلة الاربعين يوما المتاحة للمجلس للبت في مشروع القانون من تاريخ تحويله على الهيئة، مشيرا الى ان المجلس لن يكون امام ازمة وقت في حال كانت هناك رغبة سياسية في اقرار الاصلاحات والسير بالانتخابات وفقا للقانون الجديد المطروح مع التعديلات التي قد تطرأ عليه.
مخيبر يشدد على موقف كتلة الاصلاح والتغيير الذي يوائم بين اهمية اعتماد الاصلاحات واجراء الانتخابات في موعدها. اما التأجيل المتاح فهو ذلك الذي "سيسمح بدراسة الاصلاحات قبل اقرار مشروع القانون".
رئيس الجمهورية

القراءة الراصدة لمواقف القوى تبرهن التناقضات لا بل الازدواجية في الموقف بين قوى الصف الواحد في بعض الأحيان، وبين شخصيات بذاتها تعلن موقفا يناقض تصويتها في مجلس الوزراء مع الاصلاحات، على الرغم من الحديث الذي شهدت عليه طاولة مجلس الوزراء المنعقدة في بعبدا من تعهد الاطراف السياسية بتصويت كتلها النيابية لمصلحة اقرار الاصلاحات.
بدا رئيس الجمهورية ميشال سليمان حازما منذ البداية في إحترام المواعيد الدستورية لاجراء الانتخابات. وزير الداخلية ما انفك يثبت من خلال الأداء جهوزية وزارته لاجراء الانتخابات في موعدها، في حال حصل التوافق على اقرار الاصلاحات ام لا.

تيار المستقبل

تيار المستقبل لم يبد في خطابه ملاحظات جوهرية على النسبية، ونقل عن زعيمه رئيس الحكومة دعمه لاخذ الاصلاحات الوقت الكافي من النقاش، بعد أن كان يردد في وقت سابق، ولاكثر من مرة ثابتة ضرورة احترام المواعيد الدستورية للاستحقاقات.
كما ان النائب في كتلته عمار حوري صرح بأن "النسبية خطوة اصلاحية تطويرية لكن تفاصيلها تحتاج الى نقاش عميق بما يحدث تعديلات اساسية على القانون".

حزب الله

حزب الله لزم الصمت حيال اجراء الانتخابات البلدية وتفاصيل قانونها الجديد المطروح لمدة طويلة في حين كان المناخ الاعلامي يروج مقولة المقايضة بين موافقة الحزب على موازنة رئيس الحكومة وبين قبول الاخير لتأجيل الانتخابات. هذا قبل أن ينتفض الحزب على اتهامه بالرغبة بالتأجيل مخافة حرب اسرائيلية او انكشاف شعبية حلفائه المسيحيين في القرى والبلدات الصغيرة، فالرجل الثاني في الحزب حسم ان الحزب مع اجراء الانتخابات في موعدها سواء اقرت الاصلاحات ام لا. وهو التصريح الذي لا يتقاطع مع ما كان اعلنه الوزير فنيش من ان "الأولوية هي لادخال الاصلاحات قبل اجراء الانتخابات البلدية في موعدها".
ويذهب عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله لتذكية حديث قاسم حين يفصح عن بدء حزب الله للعمل الفعلي في التحضير للانتخابات.

حركة أمل

النجاح التكتيكي للحزب في دفع الاتهامات عنه لا يوازيه إلا نجاح حركة أمل عبر التعاطي ذي الوتيرة المتسارعة لرئيس المجلس النيابي مع مشروع القانون وتحويله بصفة المعجل الى اللجان لدرسه، والتمهيد لنيته في الحفاظ على هذه السياسة في الايام المقبلة بما يعكس رغبة قيادة المجلس بتسريع خطى درس المشروع والبت فيه، وبما يساهم في دحض الاتهامات التي ترمي الى الباس المجلس عباءة اي تأجيل محتمل.
موقف بري هذا قد لا يناقض النقاشات الدائرة في عين التينة حول جدوى اعتماد النسبية في الدوائر الصغيرة وحول ما ورائيات اي افشال للنظرية النسبية في الانتخابات البلدية ذات الصبغة العائلية بامتياز، الأمر الذي سيرتد سلبا على طرح النسبية في الانتخابات النيابية مستقبلا.
أما حزب الكتائب فلا ينفك يعلن تأييده للاصلاحات لكنه يركز على طرح اعتماد الصوت التفضيلي في القوائم.

"التغيير والاصلاح"

التمايز بين مواقف أعضاء تكتل الاصلاح والتغيير في ما خص الموقف من مشروع القانون كان قد برز الى العلن في اكثر من مناسبة. النائب فريد الخازن يدعو الى تطبيق النسبية في البلديات الكبرى حصرا، ومخيبر لا يبدو متشجعاً لإعتماد النسبية في الدوائر الصغرى، كما ان لجنة خاصة من التيار أعدت لائحة بالاشكاليات المطروحة من شبيه معضلة كيفية تطبيق النسبية في البلديات المركبة كجونية، اضافة الى نية التيار اعادة طرح تقسيم بيروت. لكن الموقف الرسمي السياسي للتكتل يتوحد عشية اجتماع اللجان ليعلن نحن مع الحفاظ على الموعد الدستوري للاستحقاق الانتخابي ومع اقرار الاصلاحات في آن، ما يساهم في دحض اتهام جنرال الرابية بالرغبة بتطيير الانتخابات بحجة التمسك بالاصلاحات.

القوات وجنبلاط

القوات اللبنانية لا تدخل في التفاصيل التقنية وتعلن " نحن مع اجراء الانتخابات في موعدها بغض النظر عن اقرار الاصلاحات او عدمه".
وحده "القارئ الماهر في فنجان السياسة" وليد جنبلاط يجاهر بانتقاد النسبية ويجد فيها ما يساهم بتوليد خلل ديموغرافي وغيرها من الاشكاليات المطروحة.. ويبقى أن نرصد ضجيج اللجان..