دبّ إهمج

يروى أن الأمير يوسف الشهابي كان يقيم الاحتفالات بعيد شفيعه القديس يوسف، في 19 آذار من كلّ سنة. وكان أبناء القرى يتوافدون إلى قصر الأمير لتقديم التهاني بالعيد.وبالمناسبة تقدم كل قرية ما عندها من عروض فولكلوريّة وتراثيّة مميّزة. ومن هذه العروض ما قدّمته البلدات والقرى بالاعتماد على الدبّ. فالقرية الفلانيّة قدّمت دبًا يرقص. والبلدة الفلانية قدّمت دبًّا يلعب بالسيف. وتلك القرية عرضت دبًا يمشي على المحدلة…..

أمّا إهمج فقدمّت، في عيد الأمير يوسف، دبًا يقرأ!! كيف كان ذلك؟

وقف دبّ إهمج خلف المنصّة التي فوقها كتاب الصلوات الطقسيّة في الكنيسة المارونيّة، وهو كتاب نصوصه مدوّنة بخطّ اليدّ على ورق أسمر سميك داكن. بدأ دبّ إهمج يقلّب أوراق هذا الكتاب بلسانه، يهمهم ويطلق صوتًا متقطعًا، ويستريح لحظة ثمّ يعاود تقليب أوراق الكتاب ورقة بعد أخرى، ويتابع الهمهمة وإطلاق الصوت المعتاد. ذلك أنّ مدرّب الدبّ وضع بين الورقة والأخرى بضعة حبوب من الزبيب الذي يستسيغه الدبّ، ويقلّب الأوراق باحثًا عن هذه الحبوب اللذيذة.

تعجّب الأمير يوسف، وسأل:

– ماذا يفعل هذا الدبّ؟!

أجابه مدرّب الدبّ الإهمجي: إنه يقرأ في كتاب السنكسار ، يا سمّو الأمير.

– وماذا يقول؟

– إن نصوص هذا الكتاب، يا مولاي، سريانية. ودبّنا يقرأ السريانية…

انطلاقًا من هذه الرواية اشتهرت العبارة القائلة: “كل الدبب رقصت إلاّ دبّ إهمج”. نعم، دّب إهمج لم يرقص، ولم يتمكّن أحد أن (يرقّصه). ولكنه قرأ. إنه دبّ مثقّف وحضاريّ.

عملاً بهذه الرواية الإهمجيّة التراثيّة، عمدت مؤسسات إهمج الدينية والمدنية إلى وضع رسم الدب الذي يضع النظارات فوق أنفه الأملس ويقرأ، في رأس مراسلاتها ومطبوعاتها المتداولة في داخل البلدة وخارجها.

القروي الأسمر