من يعرف ماذا يريد مغتربينا؟
من يعرف ماذا يريد مغتربينا؟
اليسار- رودي ساسين
المغتربين اللبنانيين كغيرهم من الشعوب التواقة لملاقاة الحضارة ، لا يهمهمّ زيارة وسط بيروت التجاري ، ولا المقاهي والملاهي الفاخرة المتركزة حول وسط بيروت أوالمبعثرة في جبال لبنان ووديانه ، ولا يهمهمّ أيضاً زيارة كازينو لبنان أو قلاع بعلبك وصيدا وصور ، ولا حتى قصود منطقة ألارز وابتياع تذكار من خشبها الخالد .
بماذا يهتمّ مغتربينا؟
ربمّا ، ومن ألاجدى أولاً ، إعتبار مغتربينا الموجة الرابعة من اللبنانين الذين هاجروا لبنان بدءاً من سنة إندلاع الحرب الأهلية فيه أي في 1975 لغاية 1990 سنة إنتهاء هذه الحرب ، علما" أنّ اللبنانيين الذين هاجروا بدءاً من سنة 1860 حتى أواخر الستينات يعتبرون من الموجات الثلاث الأوّل وقد فقد معظمهم الجنسية ونسي المعظم الآخر اللغة وهم بالتالي بحاجة لإعادة ربطهم بلبنان و تثبيت تواصلهم مع حضارتهم الأصلية.
وما دمنا نتحدث عن الحضارة ، يعتبر البعض أن هذه الأخرى تتجلّى فقط في ممارسة حياة إجتماعية جدّ متطورة أو لنقل معاصرة . ويتّهم بعض المفكرين الآسيوبيين وحتى الأوروبيين ذويهم الأميركيين بأنّهم غزاة حضارة، فقد اصبح "الأنكل سام" في نظرالوزير السابق للثقافة في فرنسا "جاك لانغ" امبريالية ثقافية و شعوب العالم كله تستورد حضارة "الفاست فود" و"الروك اند رول" و"المرلبورو" و تشاهد الافلام والكليبات الاميركية و تستورد احدث المنتوجات الفنية من "هوليود" و غيرها.
مهما يكن من أمر ، الإنسان المعاصر والمتحرّر هو اللبناني والفرنسي والصيني والأوروبي الذي يبتاع قهوته الصباحية من "ستاربكس" ويتناول وجبة طعامه في "الاونتروكوت" ثم يزور مكتبه في الطابق الحادي عشر حيث يتمركز خلف مكتبه ويعمل على حاسوبه الخاص مدخنّا" سيجاره الطويل ومتلقيا" مكالمات العمل على هاتفه النقّال . ومساءاً ينطلق في نزهة حول وسط مدينته حيث يستأنس بالجوّ الصاخب و موسيقى العلب الليلية المنتشرة يمينا" وشمالا" على طول الشارع التراثي الذي يحتضن سكان واهالي وشباب ضواحي المدينة بيروت البراقّة .
هل "مغتربينا" متحمسين لبيروت من هذا النوع ؟
او بالاحرى هل هم أصلاً متحمسين لزيارة "بيروت" الذين نسوها بعد أن تركوها وسط الدمار الذي خرّب حجارتها ودمّر مبانيها وزرع ألاخضر في طرقاتها وعشعش العصافير في زواياها.......
بالطبع ، اللبناني متلهف لرؤية بيروت الجديدة لكن هل هناك ما يدغدغ شعوره أكثر من رؤية عاصمته ؟
(يتبع)