اضواء على الواقع الاجتماعي والعقاري في منطقة بنت جبيل وعين إبل

 

مجلة "شؤون جنوبية" الاسبوعية ألقت الضوء في عدديها 82و83 مؤخرا على واقع الاراضي والحركة العمرانية والاعمارية في منطقة بنت جبيل ، كاشفة عن نقاط تتعلق بأفاق التوسع ومستقبل التنمية في تلك المنطقة الصامدة من لبنان ، ومشيرة الى المشاريع الحالية وتأثيرها على واقع القرى المجاورة ومستقبلها .

في ما يلي خلاصة هذا التقرير الذي وضعه الصحافي داني الامين، مضمنين اياه تعليقات على بعض النقاط.

 

كان من الطبيعي بعد عام 2000 ان تنشط حركة العودة الى الجنوب اللبناني وخصوصا  في منطقة بنت جبيل التي عانت الكثير على مدى سنوات الحرب،وان تظهر حركة عمرانية وتنموية، تبعث في النفوس امالا كبيرة ، طارحة على الجميع تحديات عديدة في الان نفسه.

يتوقف كاتب البحث على مشكلتين اساسيتين: الاقبال الشديد على البناء وضيق مساحة الاراضي المتوفرة ، وهما وجهان لمشكلة واحدة توجب توسيع المجال الحيوي لمدينة بنت جبيل وامتدادها الى القرى المجاورة التي تحظى بنسبة اوفر من الاراضي قياسا على معدلاتها السكانية ، بانتظار قيام تجمع بلديات ،على نحو عصري وحديث قادر على توفير التنمية  الصحيحة والعادلة لجميع ابناء البلديات المجاورة ، من دون أن يأكل القوي والمتمكّن حقوق الضعفاء من المقيمين والمغتربين .

يقدم الكاتب بعض الارقام المفيدة لتوصيف الواقع منها أن المساحة السكنية لمدينة بنت جبيل لا تفوق 57 الف متر مربع يقع ضمنها 750 عقارا و1300 وحدة سكنية عائدة ل 47 الف نسمة بين مقيم ومغترب. اعيد من هذه الوحدات السكنية  بعد عام 2000 بناء وترميم ما يقارب  900  فوق  560 عقارا، فيما عملية الاعمار لا تزال جارية .ولكي تقتصد المدينة في كمية المساحات ، عمد اصحاب المشاريع الى البناء ذي الطراز العمودي غير المألوف كثيرا في فترة ما قبل الحرب ، أي بمعدل ثلاث طبقات وما  فوق وخاصة في وسط المدينة او سوق الخميس الذائع الصيت .ولكن تجنبا لتشويه طابع المدينة ومنعا للاكتظاظ فوق رقعة جغرافية محدودة سارعت الجهات المختصة في البلدية والتنظيم المدني الى الحد من هذا التوجه ، ما دفع بالاهالي الى اعتماد الانتشار المشروع باتجاه القرى المجاورة : عيناتا، الطيري، عين إبل ، يارون ومارون الراس وعيطرون وسواها. ولكن هذا الواقع الاجتماعي والاقتصادي الجديد رافقته موجة من الغلاء في اسعار  العقارات ومواد البناء ، ما  ادى الى المزيد من تقليص المساحات الخضراء القليلة والباقية ، والعائد معظمها الى عدد قليل من المالكين والمتمولين ، ليصل سعر الشقة السكنية المتوسطة الحجم ( 120 متر مربع) الى 60 الف دولار اميركي في بنت جبيل و30 الف في القرى المجاورة ، فتكون الاسعاربذلك قريبة من واقع الاسعار المتداولة في المدن الساحلية مثل صور وصيدا والضاحية الجنوبية من بيروت وغيرها. مع الاشارة الى أن اسعار الاراضي كانت  قد راحت ترتفع تدريجا منذ 9 سنوات وبصورة عمودية في محيط بنت جبيل ،من 5 الاف للدونم الواحد الى 150 الف دولار اميركي في داخلها، ومن 5 الاف الى 25 الف في القرى المجاورة لها ، في حين تتراوح بدلات الايجارات السكنية والتجارية بين250 الى 400 دولار اميركي شهريا.

والسؤال امام هذه المعطيات  التي تعرضها مجلة "شؤون جنوبية "، والتي لا تدعو الى الطمأنينة في ظل الاوضاع المحلية والاقليمة والدولية الراهنة الهشة: هل يساعد هذا الاقبال المحموم على شراء الاراضي الى الاستقرار والسلام  ؟ أما السؤال الموجه الى اهالي عين ابل ، البلدة التي تمتد اراضيها على مساحة حوالي 11 كيلو متر مربع والتي تستقطب انتباه وطمع التجار الذين يميلون الى انتهاز الفرصة في ظل عوز الاهالي الخارجين من حرب وحصار داما اكثر من ثلاثين عاما ، فهو: هل يظنون أنهم يحققون ارباحا بالتنازل عن اراضيهم  التي يقيمون عليها منذ اكثر من أربعة قرون لصالح تجارغالبا  ما يكونون بمعظمهم من خارج المنطقة لا بل من خارج لبنان  وخلافا للقوانين اللبنانية ؟ لا شك أن انظار تجار العقارات هؤلاء الطامعين في افتعال تحوّل ديمغرافي ، بحكم الظروف الدقيقة الراهنة، تتطلع بطمع الى تحقيق ارباح على حساب الاهالي  المتخوفين والمترددين ،الغائبين أو المغيّبين ،وذلك لكي تصبح عمليات القنص والاحتيال على المواطن والمغترب والمستضعف عمليات سائغة وسهلة التحقيق والابتلاع لصالح رأس المال والقوي على حساب الضعيف . أن هذه القضايا وغيرها مما يرتبط بمستقبل المنطقة انما هو مما يجب إعطاؤه الاولوية في الحوار، ومعالجة شؤون التعايش في المنطقة الحدودية  بين جميع الفئات ،لتكون موضع درس علمي ورصين لدى السلطات البلدية والاختيارية الحالية، ولدى شرائح  المواطنين كافة التي تستعد للاستحقاقات النيابية المقبلة.