حماية الأطفال تبدأ بالاعتراف بواقعهم

قد يكون مجرد حضور العقيد إلياس أبو سرحال، رئيس مكتب حقوق الإنسان في وزارة الداخلية، «مؤتمر التشبيك لحماية الأطفال»، رغم ما يُنتظر من كلام نقدي للجهة التي يمثّلها في لقاء كهذا، خطوة إيجابية، جعلت العيون تتوجه إلى هذه الجلسة دون غيرها في المؤتمر. إلا أن العرض «المثالي» الذي قدّمه الرجل عن أسلوب تعاطي قوى الأمن الداخلي مع فئة «الأحداث» خلال التحقيق، كان مقلقاً، لجهة التساؤل عن جدوى هذا الحضور إن لم يكن للتعاطي بواقعية مع ما يحصل فعلياً على الأرض، حسب هيئات حضرت اللقاء، الذي نظّمته أمس اليونيسيف وجمعية «نبع». ففيما أكد أبو سرحال حضور المندوبين الاجتماعيين كل جلسات التحقيق، وإلّا فإنه يُطعن بالتقارير المرفوعة، تحدّث مشاركون عن تبلّغ هؤلاء المندوبين بعد رفع التقارير، بجلسات التحقيق، على الأقل في بعض المناطق اللبنانية. وعن تزويد الحوامل المرضعات في السجن بتسهيلات ضرورية لحالاتهن، سئل أبو سرحال ما إذا كان الأمر ينطبق على غير اللبنانيات فقال: «إننا لا نميّز بين امرأة وأخرى مهما كانت طائفتها أو جنسيتها». وإن «ابتلع» الحاضرون النقطة الآنفة الذكر، فيما تحفل وسائل الإعلام بإيراد ممارسات أقل ما يقال فيها إنها «ليست كذلك»، فقد استفزّهم الكلام عن مراعاة الداخلية للأحداث حتى لمجرد عدم جرح شعورهم! هكذا اعترض ربيع عمر من اتحاد بلديات طرابلس، وقال إن ممارسات تُرتكب بحق هؤلاء تبدأ بالشتائم ولا تنتهي بالضرب وقص الشعر. ولم يقتنع المؤتمرون بما قيل عن عزل الأحداث عن الموقوفين الراشدين. إلّا أن أبو سرحال كرّر بهدوء ما اعتبره دور قوى الأمن بالوقاية من جنوح الأحداث عبر وجودها في بؤر الانحراف ومراقبتها، كتجمّعات المتسولين مثلاً. لكن، ماذا عن الإصلاحيات؟ تسأل إحدى المشاركات، فيجيب: «المراسيم التطبيقية لقانون الإصلاحيات لم تصدر بعد لكننا نتعاون مع جمعيات تُعنى بالأحداث، ومعروف أن الحكم الذي يصدر بحق الحدث لا يدوّن على سجله العدلي، وإذا كان السجن مكان الولادة فلا يسجل على بطاقة الهوية».
إذاً، نالت ورقة عمل مكتب حقوق الإنسان الحيّز الأكبر من النقاش في المؤتمر. وكانت مداخلة أخرى للأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة الدكتور إيلي مخايل، أوضح فيها أن حماية الطفل تحتاج إلى إطار وطني عام ينظّم أدوار الفرقاء المؤثرين، ولا سيما الأهل. لذا كان مشروع الشبكات التي تؤمّن بنية حمائية للأطفال شرط الضغط باتجاه تغيير الذهنيات الاجتماعية وتوفير الإرادة السياسية لدعم برامج تمكين الأسر وتثقيفها. وركّزت د.مها دمج من اليونيسيف على ضرورة تأهيل الأطفال لحماية أنفسهم. أما قاسم سعد من «نبع»، فأشار إلى أنّ الشبكات ليست بديلاً للمشاريع على الصعيد الوطني بل إطار محليّ يمثّل أرضية للتعلم والاستكشاف. وكان عرض للأنشطة التي تخلّلتها المرحلتان الأولى والثانية من مشروع شبكتَي حماية الطفل في الشمال وصور، ودور البلديات في حماية الأطفال

 

http://www.al-akhbar.com