
علن وزير الاتصالات الدكتور شربل نحاس
أعلن وزير الاتصالات الدكتور شربل
نحاس أنه أنجز موازنة الوزارة التي سيتقدم بها إلى وزارة المالية خلال
أيام، وهي تتضمن بوضوح النفقات المتوقعة لكل قطاع داخل الوزارة من هيئة
«أوجيرو» والخلوي وغيرهما، وذلك من ضمن الفكرة التي نص عليها البيان
الوزاري لجهة تنسيب النفقات والإيرادات بوضوح.
وأكد نحّاس، أن مجلس
الوزراء ورئيسه سعد الحريري لا يعارضون توجهاته العامة في هيكلة قطاع
الاتصالات، لتتمكن الحكومة من اتخاذ قرارات مبنية على أرقام محددة، إن
لجهة تشركة المؤسسات ذات الطابع التجاري أو تحرير بعض الخدمات مثل الحزمة
العريضة.
وكشف أن أبرز حلقة ضاغطة تسبب تردي خدمة الانترنت
والاتصالات عموماً، هي الاتصال بالخارج، بما أن معظم استخداماتنا مربوطة
مع الخارج. وقال إن هذا الواقع يتعلق بالكابل الأساسي الآتي من الهند عبر
السعودية والبحر الأحمر والذي يكمل نحو أوروبا، مؤكداً أن هذه الوصلة أو
الحلقة التابعة له التي تمر منه عبر طرابلس من المفترض أن تشتغل في النصف
الأول من السنة (آذار ـ نيسان)، وقد تحتاج شهرين للاختبار. واعتبر أن هذه
الوصلة ستحدث نقلة كبيرة جداً، بحيث ستتيح سرعة نقل معلومات تفوق بأضعاف
المتوافرة حالياً، وبالتالي تريح مختلف قطاعات الاتصالات عموماً في البلد.
وتحدث نحّاس عن واقع وزارة الاتصالات اليوم رابطاً إياه بواقع النظام
اللبناني الذي اتخذ وقتاً معيناً لإيجاد المنطق الناظم له، ورأى أن هذا
المنطق نعيش فيه منذ 20 عاماً، وقد صُقل لاحتضان مكونات الطبقة السياسية
كافة، وهو يستند الى قدرة اللبنانيين على التكيّف وتحمّل الظروف، أكانت
حروبا داخلية أو تسويات خارجية أو أزمات إقليمية.
إلا أنه أشار إلى
أن ثمن هذا التكيف هو تحييد الإدارة المالية عن الخلافات السياسية، لتعمل
من أجل تأمين الظروف المناسبة لاستمرار تدفق رؤوس الأموال والتحويلات
بأشكالها المختلفة إلى البلد، ولتسمح بالإبقاء على مستوى إنفاق يفوق حجمه
الإنتاج المحلي.
كذلك، تتطلب اللعبة الداخلية ضبطاً أمنياً، قد توكل مهمته إلى طرف خارجي أو جهاز احترافي آخر كما هو الوضع بالنسبة للإدارة المالية.
وإذا
تأمنت هاتان الوظيفتان الحيويتان، يصبح العنوان الأساسي في العمل السياسي
برأي نحاس، هو توزيع الموارد المالية التي تدخل إلى البلد، بالإضافة إلى
تقاسم السلطة السياسية المسؤولة عن هذا التوزيع.
وقال نحاس إن صورة
وزارة الاتصالات بالهيئات والإدارات المرتبطة بها تشبه إلى حدّ كبير واقع
النظام اللبناني، وبالتالي ستكون المهمة الأولى للوزير هي هيكلة هذا
الواقع وإعادة ترتيبه، أكان لجهة العلاقة مع «أوجيرو» ومختلف الهيئات،
مشدداً على عدم وجود إشكالية حتى الآن مع رئيس هيئة «أوجيرو» الدكتور عبد
المنعم يوسف.
وعن وجهة نظره حول الخصخصة، يعتبر نحاس أنه ينبغي أولاً
فصل الجانب الضرائبي للخلوي عن جانبه التجاري البحت الذي يمكن النظر
بإمكانية خصخصته، لكنه ركز على أضرار البيع المسبق للإيرادات الضريبية
إجمالاً. ورجح نحاس أن يتم تمديد عقد التشغيل مع الشركتين الحاليتين في
الخلوي بعد تعديله.
رد الوزير نحاس على اسئلة «السفير»، فكان الحوار الآتي:
تدخل
للمرة الأولى إلى الوزارة، بعد تجربة واسعة في الحقل الاجتماعي
والاقتصادي، وقد خضت نضالات عديدة دفاعاً عن حقوق المظلومين والمهمّشين في
المجتمع. كما أنك شاركت في المناقشات التي رافقت إعداد البيان الوزاري.
ضعنا في أجواء اللحظة النفسية التي كنت تعيشها في هذه الفترة.
ـ لا
تخفى الصورة العامة للنظام اللبناني على أحد وما من فارق كبير بين متابعة
الأمور من الداخل أو الخارج، وليس هناك سر مخبأ في الوزارة. من خلال
تجربتنا، قمنا بحكم المصاعب والنكبات والفشل وما حصل في البلد من أزمات،
بتحليل ما يجري. حكماً، كل واحد بنى تفسيراً لمنطق السلوك ولا أتصور أن
أحداً من المتابعين والمتعاطين في الشأن العام (من الصحافة والاقتصاد) لم
يكوّن تفسيراً شخصياً حول سلوك الناس، إلا من ارتضى منهم بالتفسيرات
المبسطة جداً حول وجود أشرار وأخيار في الدنيا. لا شكّ بأن تفسير السلوك
يترك حصة للاعتبارات الذاتية، لكن في المجمل يستطيع أي شخص متابع أن يفسّر
السلوك انطلاقاً من وجود منطق للنظام اللبناني، وهو ليس نظاماً عشوائياً.
ما يسمى بقدرة اللبنانيين على الاحتمال والصمود والمقولات المشابهة، ليست
إلا تعبيراً عن درجة احتكام هذا المنطق. فمنذ حرب السنتين (75 ـ 76) أو
بعد 1982 بات المنطق الغالب هو منطق التكيف، أكان مع الميليشيات خلال
الثمانينيات، أو التكيف مع مرحلة ما بعد اتفاق الطائف أو مرحلة 2004 و2005
وما بعدها. لم يعد هناك مشاريع متكاملة يحملها أشخاص وتعتبرها قابلة
للتحقيق.
التكيف يعني وضع قواعد مشتركة للسلوك، بحيث يدرك كل طرف
سياسي حدود الخطر التي لا ينبغي تجاوزها إن كان في طروحاته السياسية
وتصرفاته ومجال تأثيره تجاه الناس عموماً، لكي لا تنزلق إلى مجالات عنفية.
بمعنى آخر، اتخذ نظامنا اللبناني وقتاً معيناً لإيجاد المنطق الناظم
له، وهذا المنطق نعيش فيه منذ 20 عاماً، وقد صقل لاحتضان مكونات الطبقة
السياسية كافة، علماً أن معظم السياسيين الحاليين دخل إلى الساحة السياسية
في النصف الأول من الثمانينيات، وقد واكبوا الحقبات المذكورة سابقاً،
وساهموا في خلق هذا المنطق الناظم والمستند إلى فكرة أساسية ألا وهي قدرة
اللبنانيين على التكيّف وتحمّل الظروف، أكانت حروبا داخلية أو تسويات
خارجية أو أزمات إقليمية. لكن هذه القدرة على التكيف لها ثمن كبير (من
أحكام النظام السلوكي)، وقوامه أن هناك مصلحة مشتركة في مسألتين، هما:
أولاً،
تحييد الإدارة المالية التي تعد أحد المفاصل الأساسية والحيوية، عن
الخلافات السياسية، بحيث بات دورها يتمحور حول تأمين الظروف المناسبة
لاستمرار تدفق رؤوس الأموال والتحويلات بأشكالها المختلفة إلى البلد،
لتسمح بالإبقاء على مستوى إنفاق يفوق حجمه الإنتاج المحلي.
وتعد هذه
مسألة من مقومات المنطق الناظم في لبنان، وتسبق حتى الحيّز السياسي ولا
يعترض عليها أحد بتاتاً، فالجميع يعيش على أساس هذه القاعدة من المواطنين
إلى ممثليهم في السلطة، فلا المواطنون ولا السياسيون (الطبقة السياسية)
مستوردون من الخارج.
ثانياً، الضبط الأمني ذاتياً واحتكاماً. هذا أمر
ثابت ونشأ أيام الميليشيات. قد توكل المهمة إلى طرف خارجي أو جهاز احترافي
آخر كما هو الوضع بالنسبة للإدارة المالية. في وقت معين في عام 2005، دخلت
السياسية في صلب هذا المنطق، لكن قد نعود اليوم إلى الصيغة السابقة كون
اللعبة الداخلية «لا تركب» من دونها.
بالتالي، إذا تأمّنت هاتان
الوظيفتان الحيويتان، يصبح العنوان الأساسي في العمل السياسي هو توزيع
الموارد المالية التي تدخل إلى البلد، بالإضافة إلى توزيع القدرة على
التوزيع المذكور، أي السلطة السياسية، فمن يستطع توزيع الأموال يملك
السلطة السياسية. وتكتمل اللعبة السياسية بضبط الوضع الأمني في البلد، كون
الناس لم تنس الحرب، ولم يخرج أحد من فكرة أن البلد يستطيع أن يجبي
الأموال من الخارج. في الحقيقة، تملك هذه اللعبة تأييداً واسعاً من
الغالبية الكاسحة من المواطنين. الآن وضمن هذه الآلية، لا تتساوى مواقع
الأطراف السياسية، فقسم قادر على استمداد قوته من تراص الكتلة المجتمعية
التي تؤيده وهناك عقد متبادل للتمثيل بينهما. وطرف آخر يستمد قوته من
إمساكه بمواقع معينة في البنية المؤسسية العامة والخاصة. بالتالي، نرى أن
المشاكل والأزمات والخضات التي عشناها مؤخراً كانت نتيجة الخلل في إقامة
توازن بين هاتين الكتلتين التي يختلف حجمهما ومقومات هذا الحجم، والطموح
المبالغ من قبل رافعة معينة على حساب الرافعة المقابلة.
وضع الوزارة وواقع الادارة
[
دعنا ندخل إلى شؤون الوزارة انطلاقاً من هذه المعادلة القائمة والمحكومة
بالتنفيذ في السنوات الماضية، ما هي السياسة التي ستعتمدها داخل الوزارة؟
ـ
إن وزارة الاتصالات تمثل المنطق الناظم المذكور خير تمثيل. وقبل الدخول
إلى السياسة التي سأعتمدها في الوزارة، ينبغي شرح كيف ينعكس هذا المنطق
داخل الوزارة.
خرج قطاع الاتصالات من الحرب في وضع يرثى له، بحيث
كانت الكابلات والوصلات الهاتفية مقطوعة في مختلف المناطق. لذا، بدأت ورشة
في مطلع التسعينيات لترميم الشبكات والسنترالات، وكان عالم الاتصالات في
تلك الفترة يشهد انطلاق تكنولوجيا جديدة هي الـGSM، أو ما يعرف بالخلوي.
أعطيت حينها رخصتان إلى شركتين ضمن الصيغة المتعارف عليها في اللعبة
الداخلية.
ظهرت لاحقاً مسألتان في آن واحد تقريباً:
أولاً، تبين
أن إدارة الدفق المالي الخارجي أصعب مما كان متوقعاً، إذ لم يكن من
المرتقب أن يصبح الدين العام هماً أو كابوساً، لكنه تحّول إلى أمر واقع
خلال سنتين فقط، إذ بدأت ملامح الأزمة في العام 1995، واكتملت الصورة
الراهنة للأزمة كليا عام 1997، لذا بات هناك حاجة فعلية لاستمرار الدفق
المالي الخارجي وإلى زيادة الاقتطاع الداخلي، من أجل خدمة الدين العام
المتزايد. في حين أن التصور (أو الصورة) لم يكن مشابهاً في العام 1992.
أما المفاجأة الثانية فتمثلت بالهاتف الخلوي، إذ لم يكن يتصور أحد حين جرى
تلزيم الشركتين بعقد BOT، أن يصبح قطاع الخلوي بالحجم الراهن. كان التصور
الأولي أن الخلوي سيستقطب بضع عشرات الآلاف من المشتركين (100 أو 200 ألف
كحدّ أقصى). لكن تبين أن المسألة أكبر بكثير، ما أدى إلى خلافات من أجل
تغيير الترتيب الذي كان قائماً، وصولاً إلى فسخ العقدين والتعويضات
للشركتين.
ترافقت هذه المفاجأة مع تنبه الإدارة المالية في البلد إلى
أهمية قطاع الخلوي من أجل إطفاء خدمة الدين العام، لأن الناس مستعدة أن
تدفع لهذه الخدمة أكثر مما كان متوقعاً. من هنا، أضيفت الرسوم وتم
المحافظة على الأسعار عند مستوياتها المرتفعة على الرغم من زيادة عدد
المشتركين خمس أو ست مرات أكثر من التصور المسبق، وعلى الرغم من أن كلفة
التجهيزات في هذا الحقل المهني تدنت بشكل كبير خلال هذه الفترة، فسعر
الكومبيوتر المحمول كان بحدود 3000 دولار في العام 1994، أما اليوم فوصل
إلى 500 دولار، علماً أن الهواتف النقالة هي عبارة عن كومبيوترات محمولة
صغيرة.
تحوّلت هذه الخدمات في المحصلة إلى أحد الروافد الأساسية
للمالية العامة. لم تكن المسألة ممكنة لو لم تحيّد عن توزيع المواقع
والمصالح. تحنط بالتالي القطاع بطريقة منطقية، أكان في الصيغ القانونية
والتسعير إلخ..
في الواقع، هناك لاعبون أذكياء لا يحتاجون للكثير من الوقت لفهم ماهية الخدمات الخلوية وإدخالها ضمن المنطق الناظم للعبة الداخلية.
العلاقة مع اوجيرو
[
كيف تصف أيامك الأولى في الوزارة لجهة التعامل مع الإدارة العامة وهيئة
«أوجيرو» والهيئة المنظمة للاتصالات، في ظل ما تحدث عنه الوزير السابق
جبران باسيل عن تفريغ الوزارة من الصلاحيات؟
ـ إن الدولة اللبنانية
لا تعرف كيف ترث أي امتياز (مثل شركة APC لإدارة مصفاة النفط والريجي).
فالفرنسيون منحوا عام 1922 أثناء الانتداب، امتيازاً لشركة فرنسية لإدارة
«راديو أوريان»، بحيث كانت تقدم خدمات التلغراف. في العام 1972، انتهت مدة
الامتياز الممنوح للشركة الفرنسية، فأبقته الدولة اللبنانية على حاله
وأسمته «أوجيرو»، أي المؤسسة المكلفة إدارة وتشغيل راديو «أوريان».
حينها
كان في المؤسسة حوالى 100 إلى 150 موظفاً، يقبضون رواتب أعلى بقليل من
رواتب الموظفين في الدولة اللبنانية، على غرار معظم العاملين في
الامتيازات الموروثة. استمرت هذه المؤسسة بتقديم خدمات التلغراف وبطاقات
المعايدة والتهنئة.
عندما انهارت الليرة في الثمانينيات وأصبحت
«أوجيرو» جزءاً من القطاع العام رمزياً، وتلاها ترميم شبكات الهاتف وإعطاء
رخص للهاتف الخلوي مطلع التسعينيات، لم يكن هناك الكثير من الفنيين
المتخصصين في مجال الاتصالات، وكانوا متوافرين فقط في الوزارة برواتب
شبيهة بموظفي الدولة. قامت عندها شركتا الخلوي باستقطاب مهندسي وفنيي
الوزارة برواتب مغرية، ما أفرغها من العديد اللازم لاستلام السنترالات من
شركة «ألكاتيل» و«أريكسون».
تذكر أحدهم في الدولة وجود مؤسسة
«أوجيرو» التي يسمح نظامها الداخلي بإدارة رواتب العاملين في الوزارة،
ولحظ المكافآت والعلاوة للموظفين من أجل تجهيز السنترالات الهاتفية في
البلد.
هذه هي حقيقية هيئة «أوجيرو» التي كانت وسيلة ظرفية بديلة
لتفادي مواجهة قضية معدلات الرتب والرواتب في القطاع العام، لا سيما في
الملاكات الفنية والإدارية العليا.
فما حصل في القطاع العام خلال
السنوات السابقة، هو أن الفئات الدنيا نالت مختلف الزيادات المرتبطة بغلاء
المعيشة وتصحيح الأجور، مع سقف جعل الدخل الفعلي لموظفي القطاع العام في
المراتب الدنيا أعلى بنسب ملحوظة من تلك التي تنالها هذه الفئات من
العاملين في القطاع الخاص، بينما بقيت رواتب الإداريين والفنيين في
المراتب الوسطى والعليا في القطاع العام، أدنى بكثير من القطاع الخاص.
لذا
اخترعت الدولة ما يشبه «الخط العسكري» البديل للوظائف الحيوية حتى لا يجري
تفريغها من الموظفين. هذا ما جرى في «أوجيرو»، علماً أن وضع العاملين في
مصرف لبنان يشبه ذلك أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة لمجلس الإنماء والإعمار
والضمان الاجتماعي والجيش.
في هذا الوقت، كان الجسم الأساسي للقطاع
العام ينهار، في ما تزداد الرغبة السياسية في إدخال الأشخاص قليلي الكفاءة
إلى الفئات الدنيا في الإدارات، لا سيما أن اليد العاملة الأجنبية كانت
تزاحم المحلية في الوظائف الشبيهة في القطاع الخاص.
تعبّر «أوجيرو»
عن النظام العام أو المنطق الناظم دون أن تكون شواذاً عن القاعدة، فلولاها
لما توافرت الهواتف للبنانيين بعد الحرب، لأن الدولة اللبنانية لم تشأ
مواجهة هيكلة رواتب القطاع العام.
من هنا، يواجهني اليوم لدى دخولي
إلى الوزارة، الخيار بين أمرين: هل أبدّي تنظيم القطاع بالعدة المتوافرة؟
أم أبدّي إعادة النظر بالبنية العامة وحينها قد لا أتمكن من القيام بأي
شيء؟
فالعاملون في هيئة «أوجيرو» اليوم ليسوا لصوصاً ولا أبطالاً، هم كالعاملين في الوزارة بكل بساطة.
بمعنى آخر، هل أدخل في معركة لفرط «أوجيرو» والبنك المركزي ومجلس الإنماء والإعمار وغيرها؟ أم أقر بالأمر الواقع وأحاول ترتيبه؟
[ ما هي طبيعة المشكلة إذاً مع «أوجيرو»؟
ـ
مشكلة أوجيرو من جزءين. هناك الشكليات ولكن هناك أيضاً المضمون. إذا
استطعنا تكوين نظرة واضحة عن مصاريفها وأعمالها وكلفتها وأملاكها وما
عليها، وأن نتواصل مع العاملين بما يتيح برمجة نشاطها، يصير لدينا القدرة
على إدارتها. إذا كانت هذه هي الغاية فهناك كذا وسيلة تستطيع خدمة هذه
الغاية. قد يقول البعض إن تركيبة عجيبة مثل «أوجيرو» ليست الوسيلة التي قد
تخطر على البال، صحيح، لكن المطلوب أن تجعل من هذه الوسيلة محققة لهذه
الشروط، لأننا إذا ما أقدمنا على خطوة كفرط «أوجيرو»، حينها لن يعود هناك
«تلفون»، ولا بث فضائي، وسيتوقف كل شيء ابتداءً من الغد.
ما نقوم
به فعلياً الآن هو إعادة ترتيب العلاقة بين الوزارة و«أوجيرو» بما يسمح
بأن تكون عملية تسلسل القرارات وبنود الإيراد والإنفاق متطابقة مع الوظائف
الفعلية التي تقوم بها «أوجيرو». وليس كما يحدث الآن، حيث هناك عقدان
أحدهما يخصص للصيانة والآخر عقد توصيلات، وكل واحد منهما يتألف من 3 سطور
فقط، ويتضمن رقماً لا نستطيع معرفة مدى النقصان أو الزيادة فيه، على أساس
أنه إذا كان مبلغ العقد هذه السنة زائداً عن الإنفاق الفعلي، يجري تدوير
الفائض إلى السنة الآتية، أما إذا نقص فوقتها نعطيهم سلفة خزينة. لننتهي
دون أن نعلم حقيقة ما نملك ولا ما نحقق من إيرادات أو ما يتوجب علينا من
مصاريف، على أساس أن لا فرق.
هذا هو واقع الحال تالياً، وما نقوم به
هو أن نضع تعاقدياً، علاقة بين الدولة والعاملين في القطاع، سمّهم
«أوجيرو»، بالرغم من أن عدد من الأفرقاء خارج «أوجيرو»، كي نعرف مثلاً أنه
عندما نقوم بتركيب هواتف للعموم ما هي كلفة الواحد، وما هو مردوده، وتلك
مسألة بديهية ولكننا لا نعرف عنها شيئاً. مقبول أنه في ظرف معين، متراكمة
فيه المشاكل، أن تستعمل الطرق القصيرة (قادومية)، ولكن من غير المقبول
استعمال القادومية ولا نعود نعرف الخارطة، فليكن هناك قادومية شرط أن تبقى
الخارطة.
[ كيف تصف طبيعة علاقتك برئيس ومدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف؟
بالمبدأ
لم أر ممانعة حتى الآن، ولكن هذا الموضوع يتعلق أساسا بضبط المال العام،
وليس مسألة شخصية مع مدير عام أو رئيس هيئة أو مؤسسة عامة. إنه موضوع
يتعلق مباشرة ببنية الموازنة العامة. فالموازنة العامة التي ستتقدم الآن،
ستوضع على أساس هذا الشيء. اليوم، في الموازنة العامة، إذا بقيت «أوجيرو»
كما هي، أي القسم الأكبر من الأداة التنفيذية للدولة، عندها من المفترض أن
تلحظ الدولة من خلال الموازنة كيف تقوم هذه الهيئة بصرف أموالها. إذا نعيد
تبويب موازنة الوزارة بما يعكس هذه الصورة، وهو قرار يجب أن يتخذ في مجلس
الوزراء، بمعنى أنه حين تتعاقد الدولة مع «أوجيرو» لا يكون التعاقد
بالجملة، أي حسابا جاريا، يجري تعديله دوريا حسب الزيادة أو النقصان، بل
يصير التعاقد مع «أوجيرو» لإنشاء وتشغيل كذا هاتفا للعموم، أو تتعاقد معها
للقيام بكذا توصيلا، بشكل يكون فيه هذا التعاقد مقابل مبلغ محدّد.
إذ
كيف تعرف بعد سنة ماذا فعلت وكم كلفتك وما الذي ينقص؟ بمجرد أن تقوم بهذه
العملية في الموازنة يصبح العقد الذي ستنظمه الدولة مع «أوجيرو» هو ترجمة
لهذا السطر الذي سيرد في العقد.
لا يعود هناك سلفة إلى «أوجيرو»
ومساهمات في «أوجيرو»، والمساهمات تعني عطاء، شأن تلك العائدة إلى
الجمعيات الخيرية، لكن لا يستطيع أحد القيام بمساهمة للجهاز التنفيذي
لديه. بالتالي، إعادة هيكلة العلاقة مع «أوجيرو» تفصيل، الأساسي هو الذي
ورد في البيان الوزاري هو تنسيب النفقات والواردات وفق طبيعتها
الاقتصادية.
نظرة خاصة بالخصخصة
[ كيف نستطيع تطوير الخصخصة الجارية؟ وكيف ستتعامل مع الخدمات الأخرى؟ وهل سيكون هناك قطاعات قابلة للخصخصة حالياً؟
بداية، فلنقل ما هي الخصخصة؟
الخصخصة
هي عندما يكون لديك نشاط ذو طابع تجاري، أهون إدارته وأجدى فاعليته، إذا
كان بمستطاع مديره إعطاء زيادة معاش أو مكافأة لموظف شاطر، واستطاع صرف
موظف آخر «تنبل»، وحين يجد فرصة استثنائية لافتتاح فرع لشركة بمقدوره
الذهاب إلى البنك للاستدانة. هذه خلاصتها أن الأنشطة التجارية الإطار الذي
يسمح بتشغيلها أهون وفق القانون التجاري منه وفق قانون المحاسبة عمومية
ونظام الموظفين.
هذا القول مثبت بالتجربة. ولكن لنرَ مطارح انطباق
هذا الأمر، علينا العودة إلى ما كنا نتكلم عنه. عندما، وللأسباب التي سبق
ذكرها، تم استخدام خدمة معينة الـGSM كمورد للخزينة، من خلال إضافة ضرائب
عليه، قسم منها ضريبة الـ6 سنتات، وقسم منها الضريبة البلدية التي تعتبر
بدل من الـTVA، وعندما تم التنازل عن الـ20 في المئة التي تشبه الضريبة
التي كانت تأخذها الدولة أثناء الـBOT (عقد البناء والتشغيل وإعادة
الملكية)، والـ20 في المئة هي ما يسمى المشاركة في الدخل، وكان الأجدى
بدلاً من أن تجبيها الدولة أن تطلب من المشغلين تخفيض الأسعار بذات
النسبة، وكون المواطن حين تخف الأعباء عليه يصير يستهلك أكثر.
بالإضافة
إلى ما سبق ذكره من توسّع الشغل والتقدم التقني، أصبح جزء أساسي من هذه
الإيرادات من قنوات مختلفة طابعه الفعلي اقتطاع ضريبي. هذه الوظيفة
المتعلقة بالجباية ليست وظيفة تجارية، ولا علاقة لها بتاتاً بقانون
التجارة، لذا يصير على الواحد أن يقف وينتهج مسلكا من مسلكين. إما أن
ينتهج الخصخصة وفقاً للمنطق الاقتصادي الذي تحدثنا عنه، ويطبقها على القسم
التجاري، أو، وحينها لا يكون هناك خصخصة، يقوم بشيء آخر إذا ما أراد
تطبيقها على كل السلة، أي عملية مالية لا علاقة لها بالخصخصة بتاتاً، أي
البيع المسبق لإيرادات ضريبية لاحقة. وهذه حصلت مع الدولة العثمانية
والدولة الفرنسية قبل الثورة، اللتين كانتا تُلزّمان الضرائب، وتطلبان من
الملتزم بالجباية حصة ثابتة تدفع سلفاً. أما الخلط بين الجانبين فهل هو
جائز وبأي ظروف أو يجب تلافيه؟
هنا يجب النظر إلى الأمور بترو.
عملية بيع إيرادات ضريبية لاحقة للحصول على مبلغ فوري اليوم ليس عملاً
عادياً، ولا علاقة له بالخصخصة بل هو عمل استثنائي جداً، أي إذا وصلت بنا
الحالة إلى درجة الإفلاس قد نكون مضطرين، أو بلا خيار، أما في ظرف عادي
حين نقوم بهذا الأمر فهذا له مضار كثيرة.
أولاً، نحن نكون في حالة
إهدار لإيراداتنا اللاحقة، وهي إيرادات غير عادية كون قسم كبير منها
بالعملات الأجنبية، بالتالي ليست خسارة للخزينة فقط بل لمصرف لبنان أيضاً
هدر لدفق أجنبي والتي ليست متوفرة بوسائل أخرى إلا من خلال الاقتراض.
ثانياً،
من خلال دمج هذين الأمرين نرفع السعر اصطناعياً، أي أن المُلزّم بحكم
العقد لن يخفّض الأسعار حتى لو تحسنت الإنتاجية، أي سيقوم بتحصين البنية
الاحتكارية التي كانت الدولة من خلالها تتولى الجباية ليستطيع تعويض ما
دفعه سلفاً. لذا، وفي ظل هذا الوضع حيث نكون غير خاضعين لمنطق الضرورات
القصوى أن نعمد إلى بيع مسبق لإيرادات ضريبية لاحقة، إذا دُمج هذان
الأمران تكون النتيجة إلحاق الضرر بالغايات المتوخاة من الخصخصة. كلما
كانت نسبة هذه الإيرادات الضريبية أو شبه الضريبية عالية، كلما أصبح هامش
الاستفادة المرتجاة أو المحتملة من الإدارة الخاصة أقل. هذه المشكلة تواجه
بالفصل قدر الإمكان بين هاتين العمليتين، بالتالي فتح نقاشين، الأول يتعلق
بكيفية التصرف بالقسم الضريبي، والثاني يتعلق بالقسم التجاري.
خفض الضرائب وجهة نظر
[هل ستُدرج عملية خفض الضرائب ضمن سياساتك؟
ـ
خفض الضريبة موضوع يناقش في مجلس الوزراء بوصفه نقاشا ضريبيا على السياسة
الضريبية العامة مع وزارة المالية. في هذا الموضوع بالذات يصير وزير
الاتصالات فيه مثله مثل أي وزير على طاولة مجلس الوزراء، لديه رأي فيه
ولكن لا علاقة للموضوع حصراً بوزارة الاتصالات.
بالتالي حين يجري فصل
المسألتين المذكورتين أعلاه عن بعض، لا يعود الحديث أن بيع الخلوي يطفئ
الدين العام، بل ما يطفئ الدين العام هو ضرائب سيكون علينا تفحص الأماكن
الأجدى لطرحها. والخلوي مطرح ضريبي موفق، والضرائب تنزل على الناس «مثل
السمنة على العسل» في ما يخص الاتصالات، ولكن شركة الخلوي شركة مثلها مثل
غيرها ولا تدر مليارات.
الآن، لننتقل إلى السياسة القطاعية التي يشكل
الخلوي جزءا صغيرا منها، وليس كل القطاع. وكلما مرت الأيام تبيّن أن
العلاقة بين الخلوي والثابت ونقل المعلومات بالأمواج أو بالكابلات أو
بالألياف البصرية متداخلة وليست كالماء والزيت بتاتاً.
اليوم
مثلاً، لدينا نظامان للاتصالات اللاسلكية لخدمة الخلوي، وكلاهما يؤديان
ذات الوظيفة لنفس النقاط، وهناك مقابلها خط آخر تحت الأرض يؤدي ذات
الوظيفة بكلفة أقل لكننا لا نستخدمه.
كما أن مقولة صيرورة شركة «ليبان تيليكوم» جامعة لكل ما يبقى متى بعنا الخلوي مقولة فيها الكثير من التبسيط.
فالحلقات
المكونة للقطاع ليست بحال من الأحوال واحدة. وإذا كان لا بدّ من إعطاء
فرصة للإدارة الخاصة كي تعمل بشكل سليم يجب خلق هندسة لهذا القطاع كي تكون
هناك إمكانية للتنافس بين القطع التي ستنشأ ضمنه، لا أن يتحكم أحدها
بالآخرين. المفترض أن تتوخى عملية هيكلة القطاع أن لا يكون القسم التجاري
منها معبراً لمواقع متحصنة ومغلقة.
وقد لمّحنا في موازنتنا إلى قضية
ترجمة العلاقات الفعلية الوظيفية ضمن الإدارة (أوجيرو) بما يتيح لقارئ
الموازنة معرفة قنوات تصريف الأموال، وهذا الأمر وارد في الموازنة. أما
إعادة الهيكلة ووضع التصور ليس في الموازنة، بل هو عمل قطاعي بحت، وهو
سيحتاج إلى عدة أشهر لتتوضح الصورة. ومن المفترض أن يؤدي هذا الأمر إلى
تعديلات في قانون تنظيم الاتصالات.
الشغور في الادارة
[ ما حجم الشغور في وزارة الاتصالات؟
ـ هناك شغور كبير من دون شك، ولكن هناك وزارات وضعها أسوأ بكثير، ومعالجتها تدخل في إطار خطة إعادة الهيكلة.
[ كيف سيجري التعاطي مع خدمة الـbroad band (الحزمة العريضة)؟
ـ
يجب العودة هنا إلى ما فعله الوزير السابق جبران باسيل، حيث عمد في ضوء
الطلب المرتفع إلى زيادة السعة (إنفاق أموال) وخفض الأسعار (تقليل
الإيرادات)، وكلتاهما شكلتا خطراً على المردود الذي كان يحقق شهرياً
بسهولة.
وصار بنتيجة هذا الطرح نقاش طويل وعريض بينه وبين رئيس
الحكومة، حول ضمان الإيرادات المحققة ضمن ذات النطاق. والذي حصل عملياً هو
صرف مبلغ معين لزيادة السعة، في ظل غياب القدرة الاستيعابية، ومن ثم خفضت
الأسعار، ليتبين أن عدد المشتركين زاد بحوالى مليون مشترك، من مليون و300
ألف إلى مليونين و400 ألف، ولم يعد هناك قرصنة أو سمسرة في عملية بيع
الخطوط.
وهذه التجربة تعني أن هذه المقاربة المحنطة أصبحت قاصرة عن
مواكبة الأمور. هذا في ما يتعلق بالخلوي، فكيف بالأحرى سيكون الأمر مع
المسائل التي يفوق الطلب عليها الطلب على الخلوي كالحزمة العريضة (broad
band). هنا أيضاً سنقوم بذات الشيء بمعزل عن إعادة الهيكلة التي تحدثنا
عنها أعلاه.
قضية الحزمة العريضة كي تحصل فيها نقلة يستشعرها الناس
يجب أن تمر بحلقتين أو ثلاث، اليوم أكثر حلقة ضاغطة كي تكون نوعية هذه
الخدمات تعيسة هي الاتصال بالخارج، وبما ان معظم استخداماتنا مربوطة
بالخارج تصير هذه الحلقة عنق الزجاجة، هذا الواقع المتعلق بالكابل الأساسي
الآتي من الهند عبر السعودية والبحر الأحمر والذي يكمل صوب أوروبا، الوصلة
أو الحلقة التابعة له التي تمر منه عبر طرابلس من المفترض أن تشتغل في
النصف الأول من السنة (آذار ـ نيسان)، وقد تحتاج شهرين للاختبار. هذه
الوصلة ستحدث نقلة كبيرة جداً. أما عنق الزجاجة الثاني فهو الانتقال إلى
نظام للسنترالات حديث العهد.
هاتان النقلتان الأساسيتان ستتمان خلال
عام 2010، إضافة إلى تأمين تغطية موضوعية على مستوى الجامعات، بشكل يصبح
لدى طلابها كابلات من دون وصلات، ووصلات على دفع سريع يبيعها لبعض
المؤسسات، مثل الصحف والمجلات والتلفزيونات، عمليا هذا المشروع الذي يسمى
الحزمة العريضة. لن نصل إلى مستوى السويد لكن نكون انتقلنا إلى مرحلة
متقدمة.
[ هل ستصل التغطية إلى كل المناطق؟
ـ نعم. وسطياً ستصل
إلى كل المناطق، لكن ليس لكل بيت موجود وراء جبل أو تلة، فهذا لن نصل
إليه. هذه النقلة كبيرة، وليست بمثابة نمو طبيعي بنسبة 10 أو 20 في المئة.
يقولون اليوم إن لدينا سرعات نقل للمعلومات بحدود ميغـــابيت واحــــد في
الثـــانية، إلا أن الحقيقة لدينا 0,2 ميغابيت فقط، وسيتضاعف هذا الرقم
مرات عدة خلال السنة الجــارية.
اختراقات الانترنت ومعالجتها
[ ماهو معدل اختراق الانترنت لدى الأسر الذي تطمح للوصول إليه خلال توليك مهامك؟
ـ
نحن نستطيع إيصال الماسورة، إما إلى الحي أو إلى البناية، لكن لا يمكننا
التحكم بما يجري في المنزل، وإن كنا نتوقع ارتفاع مشتري خدمات الانترنت
إذا تأمنت أسعار معقولة وسعات عالية. كل الجهاز الفني يعمل حاليا على
تقدير دقيق لكلفة التجهيزات التي يتوقف حجمها على بعض المعايير التي نتحدث
عنها: ما هي السرعة الوسطية ونسبة التغطية؟
لا يخفى على احد أن
الكلفة الوسطية لإيصال الخدمات إلى أول 50 في المئة من السكان تكون أقل من
الـ25 في المئة الذين يسكنون على الأطراف أو عند الحدود، وأقل من الواحد
في المئة الذين يسكنون متباعدين في الوديان وما شابه. على الإنسان أن
يحاول الموازاة بين المناطق الكثيفة سكانياً، وتلك قليلة الكثافة
السكانية، لذلك نقــول إن تأمين التغطية لأماكن تفترض إما استخداما أو بثا
كثيــــفا، لها أولوية، مثل الحرم الجامعي، إذاعة تلفزيون وما شابه.
[ هل هناك تطوير جديد على شبكات الخلوي لتحسين خدمة الاتصالات؟
ـ
التحسن يجري ببطء، المشتركون تضاعف عددهم مرتين، خلال سنة، لدينا اليوم
2,4 مليون مشترك، بعدما كان العدد 1,3 مليون قبل سنة. ما الذي يسبب القطع؟
لماذا في مناسبات كرأس السنة ينقطع الإرسال؟ أو لدى أي اعتداء اسرائيلي،
او خبرية على الراديو؟ الجواب هو أن كل الناس تفتح الهواتف. عندما يتضاعف
عدد المتصلين في الوضعية التي تحسنت قليلاً، معنى ذلك أن القدرة
الاستيعابية تحسنت، لكن ليست مثالية.
أهم الأسباب لتردي الاتصال
حسبما يقول الفنيون هو التشويش المحلي، حيث كثرت في الأحياء آلات تقوية
الإرسال Repeater، وهي من الأسباب الأساسية، إضافة إلى بعض الحالات حيث
يجري اقتلاع عمود الإرسال (أنتين) من مكان إلى آخر أكثر علوّاً، مما يؤثر
على 200 ألف مشترك تقريباً. لذلك من اجل تحسين التجهيزات الثابتة يجب على
الشركتين استخدام اعمدة الإرسال (أنتينات) ذاتها.
انتهاء مدة عقدي الخلوي
[ أين أصبحت الشركتان اللتان تنتهي مدة عقدهما آخر الشهر الحالي؟
ـ
كل أسبوع تأتي اللوائح بعدد المحطات الجديدة التي ركبت، وتأتي شكاوى عن
عرقلات معينة، كالقول إن المحافظ لا يسهّل، لكن الشركتين ركبتا عددا كبيرا
من المحطات. نحن مجبرون على أن نتطلع إلى عقد جديد، لن يكون العقد ذاته،
تعلمنا من التجربة. العقد ينتهي في 31 كانون الثاني، والمهلة التي كان يحق
للحكومة إبلاغهم خلالها، لم يكن مجلس الوزراء موجوداً.
[ هل كان هناك مشكلات مع الشركتين؟
ـ نعم هناك مشكلات مع كل العالم، لدينا عقد لسنة، لدى انتهائه يجب القيام بشيء ما، والأرجح تجديده معدلاً. هذا شيء عادي.
[
هل في مجلس الوزراء من يعارض التوجهات العامة للهيكلية؟ وهل ناقشت الموضوع
مع الرئيس الحريري، لان التعطيل إذا جرى، فقد يكون على قاعدة أن الهاتف
يأتي بالأموال للخزينة؟
ـ من المفترض ألا يحصل إشكال في مجلس الوزراء حول التوجهات العامة المذكورة بخصوص هيكلة قطاع الاتصالات.
عندما
نوقش البيان الوزاري، أخذ هذا الموضوع حقه، حتى تم التوصل إلى الصيغة
النهائية. لم تمر المواضيع خلسة بل أخذت حقها في النقاش، مثلا عندما
تكلمنا عن الخصخصة بوصفها إحدى الوسائل لتنفيذ السياسات القطاعية، مقصود
بها ما نتحدث عنه، لم ننقل شعاراً من مكان إلى آخر ولا نعرف أين يطبق.
قضية تنسيب الإيرادات والنفقات وإعادة إحياء الأطر المنظمة لعمل المؤسسات
العامة، ولا سيما تلك ذات الطابع التجاري، مع إمكانية تشريكها، معنى ذلك
واضح ولا حاجة للتوقعات. هيكلة القطاع تحتاج إلى سنة، المسألة ليست جاهزة
ونخبئها.
مكافحة المخالفات
وضبط الاتصالات الدولية
[ ما هي الوسائل لضبط التخابر والانترنت غير الشرعي؟
ـ
التخابر الدولي احد موارد الخزينة. أي احد يعرف اليوم أنه بمقدور أي شخص
أن يفتح خطا مع الخارج ويأتي ببرامج معلوماتية ويجري اتصالات بكلفة اقل.
عندما وضعت الأنظمة والقوانين كانت هذه المسألة غير موجودة، وحرفية النص
ليست عائقاً، كيف نواجهها؟ فهي مثل قضية التهريب. إما نضع ضوابط وبوليسية
نلاحق تطبيقها من محل إلى محل آخر يفتح، فنصل إلى قمع المسائل النافرة،
ومن هو موجود في بيته نتجاهله.
[ هل هناك نية سياسية وامنية لملاحقة التخابر غير الشرعي؟
ـ
عموما التهريب موجود في كل مكان في العالم، أفضل طريقة لوقف التهريب هو
معالجة ما يخلق مصلحة في التهريب، أي عبر خفض سعر السلع والخدمات. حدود
هذه اللعبة تتعلق باحتساب الكلفة العامة لهذه الخدمات. هذا شيء لا يختلف
في جوهره عن مسألة خفض الضرائب في إيرادات الخلوي، إنما على نطاق مصغر.
إذا ما كان الفارق بين ما يدفعه الشخص لو اتصل شرعياً وبين كلفة الاتصال
بطريقة غير شرعية، بسيطاً، لن تعود هذه القضية ذات قيمة، مثلما حصل بقضية
المازوت مع سوريا على سبيل المثال.
حــاوره: عــدنــان حمــدان واحمــد حيــدر