المبنى الجديد لـ"الخارجية" في "الوسط" ينتظر قراراً وضم 40 متراً

المبنى الجديد لـ"الخارجية" في "الوسط" ينتظر قراراً وضم 40 متراً
مارلين خليفة

الخرائط جاهزة منذ أعوام والوزارة ستقدم قريباً ملفاً توضيحياً إلى مجلس الوزراء
المبنى الجديد لـ«الخارجية» في «الوسط» ينتظر قراراً وضم 40 متراً
مارلين خليفة-"السفير"

الدرج الرخامي مع الدرابزين الأسود «فير فورجيه»، والأعمدة الرخامية البيضاء العملاقة، هي واجهة خارجية لمبنى تعلو أسقفه الشاهقة الزخارف وتتدثر أرضه بأثاث قديم وبنى تحتية غير صالحة. مبنى وزارة الخارجية والمغتربين أو «قصر بسترس» في الاشرفية يشبه في داخله كلّ شيء إلا القصر ولعلّ بهو الاستقبال وحده خير شاهد على ما تحويه المكاتب والصالونات الأخرى. في البهو الكبير ثلاث كنبات، اثنتان منها قماشية تحلل لونها الأخضر فبهت، تعلو إحداها بقع ربما كانت لسائل جفّ مع الوقت لكنه ينبّهك الى عدم الجلوس.
في وسط البهو الواسع طاولة دائرية قشّرت السنوات دهانها، وكستها طبقة من الغبار. بعض الأثاث عريق بقدمه، مثل الخزانة والمرآتان العملاقتان، وأمامهما يقع منبر المتكلمين يعتليه وزير الخارجية أو من يرغب من زوار الوزارة، وفي خلفيته يوجد علمان: لبناني استبدل اللون الأبيض فيه بأصفر الغبار والسنين الطويلة وعلم آخر للخارجية بات أصفر اللون هو الآخر مما يصعّب تفكيك لونه الأصلي.
الثريا العملاقة المتدلية من سقف مزخرف بعض إضاءاتها مطفأ لأنه معطّل، بعضها ملوي، وكلها مغطاة بكساء الغبار الذي يتوافق بالشكل مع غبار النوافذ والبرادي الباهتة والعتيقة.
سكان «القصر» من ديبلوماسيين وموظفين يحلمون بمغادرته في أسرع وقت ممكن:
في نهاية عام 2009 قطع وزير الخارجية والمغتربين الدكتور علي الشامي وعدا بأن يسعى جاهدا الى إنشاء مبنى يليق بوزارة الخارجية واعتبر ذلك «تحديا كبيرا»، وكان الوعد بمثابة «عيدية» لسكان «قصر بسترس».
من جهة ثانية أشار البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري الى هذا الموضوع، معتبرا أن إنشاء مبنى جديد هو أحد الأهداف الأساسية المتوقع إنجازها. هذان الأمران يشيران الى توافق السلطة السياسية على وجود مشكلة تتعلق بالمبنى الحالي للوزارة.
لهذه المشكلة أكثر من شقّ، أبرزها إداري، فعدد المكاتب الموجودة لم يعدّ كافيا لاستيعاب المهامّ المطلوبة من الوزارة ومنها مسائل قنصلية تتعلق بمتابعة شؤون اللبنانيين وشجونهم في الخارج، تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية نظرا الى الازدياد المضطرد لعدد المغتربين اللبنانيين في الخارج نتيجة الحرب والهجرة المتعلقة بأسباب اقتصادية.
بالإضافة الى ذلك لم يعد المبنى قادرا على استيعاب أعمال التدقيق المالي والإداري لحاجات البعثات اللبنانية في الخارج، علما بأن العامين 2010 و2011 يتطلبان مجهودا مضاعفا من وزارة الخارجية بسبب انضمام لبنان الى مجلس الأمن الدولي كعضو منتخب.
هذا الأمر يتطلّب جهودا استثنائية تحتّم وجود مكاتب أو مبنى مجهّز بأحدث الوسائل لمواكبة أعمال مجلس الأمن الدولي. بالإضافة الى هذه النقاط ثمة نقطة مهمة هي أن المبنى الحالي لا يستوفي الحدّ الأدنى من شروط السلامة والأمن إذ أنه مفتوح من الناحية الأمنية، ولا توجد مداخل ولا مخارج مضبوطة، كما أن مبانيه الأربعة مشتتة في منطقة سكنية وتجارية في حي سرسق، بالإضافة الى ذلك فإن موقف السيارات الموجود ليس ملكا للوزارة وثمة نزاع عليه مع المالك مما يخلق مشكلة للموظفين.
المبنى العتيد
ثمة خرائط تفصيلية معدّة للمبنى الجديد في وسط المدينة القريب من جريدة «النهار» وهو يبعد عشرات الأمتار عنها، وهو مبنى متكامل وعصري قادر على استيعاب كافّة مديريات الوزارة وفروعها وأقسامها ومؤمّن بعدد كاف من المواقف للضيوف وللموظفين وللصحافيين وذات كلفة إنشاء مقبولة وينتظر هذا المبنى الانتهاء من عملية مبادلة بضعة أمتار وقرار سياسي بإعادة وزارة الخارجية الى الخريطة السياسية.
وزارة الخارجية هي اليوم في صدد إعداد ملفّ توضيحي كامل عن المبنى لتقديمه الى مجلس الوزراء. ويقول مصدر متابع في الخارجية لـ«السفير» أن «ثمة عقارين، الأول، قرب مبنى «الإسكوا» والثاني، مقابل صحيفة «النهار» وثمة «حاجة لأن تنجز الدولة اللبنانية عقد مقايضة وتفرّغ كي تحصل مقابله على العقار الواقع على التقاطع بين شارعي قدموس وجورج حداد».
لهذه الغاية، تم تشكيل لجنة مختصة بالشكل الخارجي للمبنى اعتبرت بأن العقد ليس في مصلحة الدولة اللبنانية لأن المبنى قرب «الإسكوا» سيكون خاضعا لمواصفات معينة لن تجعل المبنى مريحا، واقترحت اللجنة تحويل الملف الى مجلس الوزراء عام 2008. طلب مجلس الوزراء توضيحات وها هي الوزارة اليوم تعد الملف التوضيحي.
القضية عالقة ظاهريا على 40 مترا تحتاج ضمها الى العقار وفرزها من عقار ثان، لكن الواقع بأن تحريك بناء مبنى جديد للخارجية يحتاج الى قرار سياسي لأن الخرائط جاهزة وإذا وجدت الاعتمادات الضرورية فلا يحتاج البناء الى أكثر من عامين.
المبنى الجديد بحسب رسمه الهندسي مؤلّف من ثلاث طبقات مع سقف قرميدي ويشبه تقريبا مبنى السرايا القديمة التي كانت تتوسّط ساحة البرج والتي هدمت في أوائل الخمسينيات.
للتذكير فإن مشروع بناء مبنى جديد لوزارة الخارجية مطروح منذ عهد رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، وكان أنشئ مبنى ضخم مقابل القصر الجمهوري في مطلع السبعينيات، وفي الحرب استخدمته قيادة الحرس الجمهوري فبات المبنى ملكا للقصر.
ليست المرة الأولى التي يوافق فيها مجلس الوزراء على إنشاء مبنى للخارجية والمغتربين عبر تكليف مجلس الإنماء والإعمار بإنجازه، وعام 2005 وضع بتصرف المجلس المذكور مبلغ 5 مليارات ل.ل. لحساب بناء مبنى كما كان هنالك مبلغ وقدره 7 مليارات ل.ل. في موازنة الوزارة بهدف البناء أيضا لكن المشروع لم يبصر النور حتى اليوم. 


Reference: Lebanonfiles.com