" مشاركة لبنان في مؤتمر "ثقافة السلام

بناءً على مبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، عقدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة اجتماعاً رفيع المستوى خلال الدورة 63 في 13-12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 تحت بند رقم 45 (الثقافة من أجل السلام) و سمي هذا الاجتماع بمؤتمر "ثقافة السلام".

ويأتي هذا المؤتمر ليكمل المؤتمر العالمي للحوار الذي انعقد في مدريد بين 16 تموز 2008 و18 منه برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والملك خوان كارلوس الأول حيث وافق المشاركون في المؤتمر على الإنعقاد دورياً لتشجيع الحوار والتعاون بين الديانات والثقافات. كما عبر الناطق بإسم رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة ميغيل ديسكوتو بروكمان، الإسباني أنريكه يافيس أنه "بناء على مؤتمر مدريد، قررت الجمعية العمومية عقد اجتماع رفيع للحوار بمشاركة رسمية أو غير رسمية من هيئات المجتمع المدني سنة 2010 في شأن الحوار بين الديانات والثقافات والتفاهم والتعاون من أجل السلام، متمنياً أن يكون المؤتمر الذي يبدأ غداً خطوة على هذا المسار".

شارك في هذا المؤتمر شخصيات عالمية ومعظم زعماء العالم وبينهم طبعاً رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان.

 وأكد الإجتماع على الأهداف والمبادىء الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واستذكر تعهد جميع الدول بموجب الميثاق تشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بما في ذلك حريات الإعتقاد والتعبير، دون التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

وعبرت الدول المشاركة عن قلقها من تنامي حالات عدم التسامح، والتمييز، وبث الكراهية، واضطهاد مجتمعات الأقليات الدينية لأي دين انتمت، وشددت على أهمية تشجيع الحوار والتفاهم والتسامح بين الناس واحترام أديانهم وثقافاتهم ومعتقداتهم المتنوعة كما عبرت عن عزمها على تقوية وتدعيم الأطر القائمة ضمن منظومة الأمم المتحدة لتشجيع التسامح وحقوق الإنسان، والحفاظ على الأسرة، وحماية البيئة، ونشر التعليم، ومكافحة الفقر والمخدرات والجريمة والإرهاب، آخذين في الإعتبار المساهمة الإيجابية للأديان والمعتقدات والقيم الإنسانية الأخلاقية في مواجهة هذه التحديات

و أكد المشاركون على رفض أي إستخدام للدين لتبرير قتل الأبرياء وممارسات الإرهاب والعنف والإكراه، مما يتناقض بوضوح مع دعوة جميع الأديان للسلام والعدل والمساواة.

.

أما بالسبة للبنان، فكانت مشاركته ذات طابع خاص، نظراً لطبيعته الاجتماعية والديموغرافية المتعددة والغنية، وعبّر يافيس إن "مشاركة كل الدول الأعضاء في المؤتمر أمر مهم للغاية، غير أن مشاركة لبنان تكتسب أهمية خاصة، لأن هذا البلد متعدد الدين والثقافة والحضارة، وهو على تقاطع مع كل الأديان والثقافات. ولهذا السبب لا بد أن تكون مشاركة لبنان مساعدة للغاية".

وأشار الى أن "لبنان بلد تكرس للعيش المشترك على رغم ما عاناه في السنوات الأخيرة". معتبراً أن اللبنانيين "يمكنهم أن يكونوا قدوة للحوار في العالم".

وأوضح أن الهدف الأول للمؤتمر هو "مواجهة المشاكل التي يعانيها العالم حالياً بين الفئات الدينية والثقافية المختلفة، ومنها ما يحصل في الشرق الأوسط على سبيل المثال".

 

وفي الكلمة التي القاها الرئيس ميشال سليمان أمام الجمعية العامة، أكد أن "للبنان ميزات فريدة لم تنل منها الصعاب التي إمتحنت إرادتنا بالعيش معا في وطن واحد، غني بتنوعه وراسخ في الانتماء العربي ومتفاعل مع ثقافات العالم".

و أضاف: "هذه الميزات أهلته وما زالت أن يكون المجال الأرحب والأخصب للحوار بين الأديان والثقافات، في خدمة العالمين العربي والإسلامي، بل لمصلحة العالم كله".

كما شدد على "أهمية الحوار لحل النزاعات"،و لفت إلى أنه "لا يؤدي إلى نتيجة تذكر ما لم يستند إلى عملية تراكمية طويلة تنسج فيها، بصبر وفي شكل منتظم، علاقات الثقة والانفتاح على الغير، شرط أن يلتزم الغير في عمق تفكيره وقناعته وممارسته بروح الحوار والحق المبنية على العدالة".

كما عبر الرئيس سليمان عن "طموح لبنان بأن يصبح مركزا دوليا لإدارة حوار الحضارات والثقافات، وأن يصبح بالتالي مختبرا عالميا لهذا الحوار الكياني".

 

                                                                       شادي الطحان

                                                                                                                                                                     chadi.altahane@baldati.com