الخانات في طرابلس

الخانات في طرابلس

 

 

تعتبر طرابلس، عاصمة الشمال، وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان، بعد العاصمة بيروت من أبرز المدن الأثرية في لبنان كونها تحتوي على عدد هائل من المباني القديمة العائدة لمئات السنين. فما ان تصل الى قلب المدينة وتتجوّل في سوقها المكتظ بالسكان حتى تلاحظ سبب اعتبار طرابلس مدينة فريدة من نوعها. فالمباني الجديدة العصرية تتلاصق بالبُنى التاريخيّة والاثرية، معظمها من العهد الأسلامي، كمساجد، مدارس اسلامية، حمامات و خانات... هذه الأخيرة هي أكثرما يقصدها السواح وخصوصا" عالموا الاثار. فما دور وأهمية الخانات في طرابلس؟

  

 

تقع الخانات في وسط مدينة طرابلس، وهي من خلال عددها و مساحتها تبيّن أهميّة التجارة وخصوصا" الأهميّة الأقتصادية لهذه المدينة. فخار، حرير، بضائع فاخرة وكثير من الأعمال الحرفية كانت تصنع في سوريا وتصدر عبر بيروت لأوروبا، مصر و بلاد الفارس مما يفسّر وجود هذا العدد الكبير من الخانات العائد معظمها الى العهد المملوكي أي القرن الرابع عشر في لبنان و بالتحديد طرابلس التي تقع على الساحل اللبناني، على بعد ٨٥ كلم شمال بيروت.

 

للخانات وظائف عديدة فهي وبالأضافة الى كونها موقع لبيع وشراء البضائع، تستعمل أيضا" لتخزين البضاعة و كمكان سكن التجار لأنه يستلزمهم أكثر من يوم لبيع منتوجاتهم.

مما يفسر شكل الخان:

فهو مبنى مستطيل تتوسطه بركة ماء مؤلف من طابقين: الطابق الأرضي لتخزين البضائع وسكن الماشية ، أما الطابق الأول فهو مؤلف من غرف لمبيت التجاّر.

 

 

خان الصابون

خان الصابون المعروف أيضا" بخان العضيمي تيمنا" بشارع "عضيمي المسلمين" أي سوق الصاغة" كان في البداية يستعمل كثكنة عسكرية للجيش العثماني –مما يفسّربناءه في وسط المدينة لتسهيل عملية المراقبة وحماية الباشا والجيش-  تحول هذا الخان وبطلب من السكان المحليين في طرابلس الى مصنع الصابون.

ما يميّز هذا الخان أنه الوحيد الذي لازال يحتفظ ببابه الأصلي المصنوع من الخشب يتوسطه نافذتين يستعملان للتأكد من هويّة كل من يدخل الخان.

فخان الصابون هو أكثر خان يقصده السواح لزيارته ليس فقط لقيمته التاريخية بل أيضا" لشراء الصابون. فلدى دخولك الخان تفوح رائحة الصابون المنبعثة من جميع أرجاء الخان كونه، وما زال حتى اليوم، يصنّع فيه الصابون. فأينما نظرت ترى عمال محليين يصنعون أمامك وعلى الملء الصابون. ولن يدعوك تخرج من الخان قبل شرحهم لك عن كل مرحلة من مراحل تصنيعه، حتى أنهم يقدّموا للزواّر كتيّب صغير يصف كل مميّزات صابون هذا الخان. بعض المحظوظين يحصلون أيضا" على عيّنة مجانية من الصابون.

 

 

خان العسكر

بنى المماليك خان العسكر أواخر العصر الثالث عشر بداية القرن الرابع عشر بهدف استعماله كثكنة للجيش المملوكي مما يفسّر اسمه خان العسكر.

من أكبر الخانات في طرابلس- ٤٠٠٠.كلمۦ – يتميّز هذا الخان ببنائه، فهو يتألف هذا الخان من مبنيين والسبب يعود الى أن المهندسين وللحصول على أكبر عدد ممكن من الغرف للسكن وللتخزين بنوا مبنيين متطابقين ملتصقين.

حاليا" يستعمل هذا الخان كمنزل لأكثر من ستين عائلة فقدت منزلها بعد زلزال ١٩٥٦ . مما يفسّر حالة البناء المزرية أكان من الخارج أو الداخل، وصعوبة دخول السواّح لزيارته.

 فبسبب وجودهم غير الشرعي فيه لا يسمح سكان هذا الخان لأحد الدخول اليه ألا اذا كان برفقة شرطي من البلدية. لدى دخولك الخان لا تستطيع الا أن تنتبه للحياة التي لا يمكن وصفها بأقل من مزرية والبعيدة كل البعد عن الانسانية التي يعيشها السكان. ففي كل غرفة من غرف الخان الصغيرة تعيش عائلة بأكملها مؤلفة من عشرة أشخاص على الأقل. وجود هذا الكم الهائل من الناس يفسّر الاضافات التي تمت داخل الخان للحصول على أكبر عدد من الغرف السكنيّة.

فاذا لم يتحرّك المسؤؤلون لانقاذ هذا الخان في أسرع وقت ممكن فسيخسر قيمته الأثرية والتارخية.

 

 

خان الخياطين

خان الخياطين المعروف أيضا" بخان الحريريين يعود للعصرالمملوكي تحديدا"للقرن الرابع عشر.

كما يدل اسمه، هذا الخان كان و ما زال مخصص للخياطين. فنجد فيه كل مستلزمات الخياطة كمكانات خياطة، ابر.

يقال أن هذا الخان قد بني على بقايا مبنى صليبي مما يزيد من أهميته تاريخيا"

يتميّز هذا الخان بتصميم مختلف عن باقي الخانات فهو كناية عن شارع مقفل. لكن تقاسيمه لم تتغيّر فهو ككل الخانات يتألف من طابق أرضي يستعمل للتجارة: أي عرض الأغراض و الشراء، ومن طابق واحد مخصص للسكن.

فلدى دخولك هذا الخان، ترى على شمالك ويمينك البضائع المعروضة ،أكانت معلّقة أو مبعثرة على الأرض. فتلفت أنظارك الأقمشة المتعددة الألوان التي تتطاير في الهواء مع كل نسمة هواء مما يضيف سحرا" على هذا الخان الأثري.

 

 

اليان بطرس