ثبات وقف إطلاق النار وصدمة في غزة مما خلفته الحرب

شرع الفلسطينيون في تقييم آثار الحرب التي دارت في قطاع غزة لثلاثة أسابيع وذلك بعد أن سرى وقف لإطلاق النار يوم الاثنين وبدأت القوات الاسرائيلية في الانسحاب تدريجيا من القطاع.
وتعهد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس ووجهه ملثم بالكوفية الفلسطينية باعادة ملء ترسانة الحركة من الصواريخ وغيرها من الاسلحة في تحد للجهود الاسرائيلية والدولية لقطع طرق تهريب السلاح لحماس.
وأضاف في مؤتمر صحفي "فلتفعلوا ما تشاؤون فإدخال السلاح الطاهر وصناعة السلاح المقاوم هو مهمتنا ونحن نعرف جيدا كيف نحصل على السلاح."
وأزالت جرافات أنقاضا من شوارع القطاع وقال جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني إن أكثر من 22 ألف مبنى اما دمرت أو لحقت بها أضرار وقدر إجمالي قيمة الخسائر في غزة بما لا يقل عن 1.9 مليار دولار.
وقال مصدر في حكومة حماس بقطاع غزة إن الحرب دمرت 5000 منزل و16 مبنى حكوميا و20 مسجدا وألحقت أضرارا بنحو 20 ألف منزل. وكانت اسرائيل قد قالت إن النشطاء يستخدمون المساجد لتخزين السلاح.
وفي مخيم جباليا للاجئين الذي كان مسرحا لقتال ضار لم يسلم منزل من الاضرار. فقد تعفنت أكوام كبيرة من القمامة في جنبات الطرق. وراح الأطفال يبحثون عن زجاجات بلاستيكية فارغة.
وأعلن الملك عبد الله عاهل السعودية أن المملكة ستتبرع بمليار دولار لإعادة الإعمار في قطاع غزة. وأعادت إسرائيل فتح ثلاثة معابر حدودية لمرور شحنات الغذاء وغيرها من المواد الاساسية لسكان القطاع البالغ تعدادهم 1.5 مليون نسمة.
وقال مسؤولون عسكريون ان القوات والدبابات التي تدفقت على قطاع غزة في الثالث من يناير/كانون الثاني في بداية الهجوم البري الاسرائيلي ترحل تدريجيا ولكنها مازالت مستعدة لمواجهة اي تفجر للقتال.
وأعلنت كل من اسرائيل وحماس وقفا لاطلاق النار يوم الاحد وطالبت الحركة الاسلامية اسرائيل بالانسحاب في غضون أسبوع
.

صدمة ما بعد الهدنـة

وخرح الفلسطينيون من أماكن اختبائهم والصدمة تملؤهم بعد مقتل أكثر من 1300 من اخوانهم والحاق دمار هائل بالمنازل والبنية التحتية.
وقال يحيى عزيز الذي يعيش في غزة ويبلغ من العمر 22 عاما "نريد حلا يضمن ألا تعود الدبابات الاسرائيلية لتقتلنا."
وقال مسؤولون بالقطاع الطبي في غزة ان بين القتلى الفلسطينيين 700 مدني على الأقل. وقالت إسرائيل إن بين القتلى مئات المسلحين واتهمت حماس بتعريض المدنيين للخطر من خلال العمل في مناطق مكتظة بالسكان.
وطبقا لارقام حماس والفصائل الاخرى فان 112 من مقاتليهم و180 من شرطة حماس قتلوا. وتقول اسرائيل انها فقدت عشرة من جنودها اضافة الى ثلاثة مدنيين قتلوا في هجمات صاروخية.
وسعت القوى الغربية لوقف اطلاق النار. فرغم تعاطفها العلني مع المخاوف الامنية الاسرائيلية عبرت عن قلقها من تزايد أعداد القتلى المدنيين والمصاعب التي يشهدها قطاع غزة.

تحديا للإدارة الأميركية الجديدة

وألقت الأزمة بظلالها على الأيام الاخيرة من ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش وكشفت عن تحديات بالشرق الأوسط قد يجد الرئيس المنتخب باراك أوباما الذي سيؤدي اليمين غدا الثلاثاء إنها لا تقل صعوبة عن التحديات التي واجهها من سبقوه من الرؤساء.
وأعلن اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة تحقيق نصر شعبي على اسرائيل ووصف في كلمة له قرار حماس وقف اطلاق النار بأنه قرار حكيم ومسؤول.
وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام "جميع الخيارات ستكون مفتوحة" اذا لم تسحب اسرائيل قواتها من قطاع غزة قبل انتهاء المهلة التي حددتها حماس.
وبدأت اسرائيل عمليتها العسكرية يوم 27 ديسمبر كانون الاول متعهدة "بتغيير الواقع" في بلداتها الحدودية الجنوبية التي تتعرض منذ عام 2001 الى نيران حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة بصواريخ أغلبها قصير المدى وبدائي الصنع.
وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت انجاز المهمة مشيرا الى الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها الولايات المتحدة ومصر ودول أوروبية لمنع حماس من اعادة تسليح نفسها.
وسيعني هذا اتخاذ اجراءات لم تحدد بعد لوقف تهريب الاسلحة الى حماس عبر حدود مصر مع قطاع غزة وهو أمر حساس نظرا للجهود التي بذلتها مصر للحد من التهريب.
وهدد وزير الامن الداخلي الاسرائيلي افي ديختر بالرد عسكريا على أي تدفق جديد للاسلحة على قطاع غزة قائلا ان اسرائيل ستعتبر مثل هذا التهريب هجوما على أراضيها.
وقال ديختر لراديو اسرائيل "هذا يعني أنه اذا تجدد التهريب فستعتبره اسرائيل كما لو أن النيران أطلقت عليها."

محادثات سرية حول هدنة طويلة الأمـد

وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه أن مصر تواصل المحادثات مع قادة حماس واسرائيل بشأن هدنة طويلة الأمد تضمن اعادة فتح معابر حدودية منها معبر رفح الذي يعد المنفذ الرئيسي لسكان القطاع الى العالم الخارجي.
وأضاف الدبلوماسي المطلع على سير المفاوضات أنه يتوقع أن تحقق المحادثات "بعض النتائج ونرجو أن يكون ذلك قبل نهاية هذا الاسبوع."
وقال مارك ريجيف المتحدث باسم أولمرت ان من الممكن السماح بعبور "كميات هائلة" من المعونات اذا استمر الهدوء.ويبدو الوضع في قطاع غزة الان أشبه كثيرا بما كان عليه قبل اندلاع الحرب حيث المواجهة المسلحة والمستقبل المظلم الذي يحيط بسكان غزة المحتجزين في القطاع بسبب حصار يهدف الى معاقبة حماس على اطلاق الصواريخ وسعيها لتدمير اسرائيل.