وضعَ لبنان اسمَه على خريطة الدول المنتجة للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، مع إقرار مجلس الوزراء بند إنتاجها من الرياح، بعد سنوات من الأخذ والرد، بين اللجنة الوزارية المكلفة دراسة العروض والشركات الخاصة المتقدمة للمناقصة، إلى أن أبصرَ القرار النور بإنشاء مزارع هوائية، لتكون مصدراً لإنتاج الطاقة الكهربائية، بدلاً من استئجار بواخر ملوّثة للبيئة. فكيف تنتج الكهرباء من الرياح؟

عتمَ التقنين ومعاناة اللبنانيين ستذهبان أدراج الرياح، وهواء لبنان لن يذهب هدراً، إذا طبّقت مشاريعَ الشركات الثلاث التي رست عليها المناقصة. وستكون عكار بعد طول معاناة من الحرمان والإهمال، “الشعلة” التي ستضيء لبنان، لكون مزارع الهواء ستقام على أراضيها، بعد دراسة أعدت عنها قبل سنوات أظهرت مدى غناها بالطاقة المتجددة. وعن ذلك شرح ألبير الخوري مدير شركة “هوا عكار”، إحدى الشركات التي رست عليها المناقصة في الأمس، “منذ سنوات فكرنا في المصادر الأولية التي في الإمكان إنتاج الكهرباء منها، فلو كنا كقطر العائمة على أكبر حقل للغاز في العالم لكنا سننتج الكهرباء من الغاز، ولو كنا في كندا حيث البحيرات تمتد على مساحات واسعة لكنّا أنتجنا الطاقة من الماء، لكن في لبنان لا غاز ولا بترول ولا بحيرات. نعم لدينا شمس لكن الأراضي سعرها مرتفع لا بل غير متوفرة كما في السعودية”.

دراسات معمّقة

لم يبقَ أمام ألبير سوى الهواء، وأشار “بدأنا دراسة عام 2008، لقياس سرعة الرياح على مدى الفصول الأربعة، من خلال وضع معدّات في مراكز عدة، أظهرت أن لدى لبنان أهم منظومات هواء في كل المنطقة، وأن عكار هي أكثر منطقة ملائمة لتحقيق هذا المشروع، فسرعة الرياح فيها جيّدة وهي تضم أراضي مناسبة لتركيب المراوح. عرضنا المشروع على الدولة، شكلت لجنة من وزارة الطاقة، وزارة البيئة، وزارة المالية، مجلس الوزراء، مؤسسة كهرباء لبنان والمركز اللبناني لحفظ الطاقة، أشرفت على المناقصة. وبعد نحو أربع سنوات من الأخذ والردّ رست المناقصة على ثلاث شركات من بينها شركة “هوا عكار.

مشروع لبناني مئة بالمئة

في رأي الخوري، “المشروع هو بداية للشراكة بين القطاعين الخاصّ والعام. هدف الدولة أن تأخذ كهرباء نظيفة وعلى عاتقنا سيقع تمويل وإدارة المشروع، وأي مسؤولية إذا حصل تقصير في الإنتاج سنتحملها مع كافة الأعباء”. ثم أشار الى ان “حلّ مشكلة الكهرباء سيكون لبنانياً مئة في المئة، فلا استجرار ولا اتكال على الدول الأخرى، لا ديون تضافُ على خزينة الدولة. أسعار ثابتة لأنها غير مرتبطة بأسعار النفط المرتفعة، عدا عن الطابع البيئي للمشروع. لا انبعاثات حرارية مضرّة بالمواطنين والبيئة على حد سواء، فالطاقة نظيفة متجددة من دون انقطاع”.

هكذا تنتج الرياحُ الكهرباء

لكن كيف تنتجُ الرياح الكهرباء؟ عن ذلك شرح الخوري “يتم وضع مراوح هواء في أرضٍ استأجرناها في جبل أكروم لهذه الغاية، بعد اتفاقيات عقدت مع البلديات. قطر كل شفرة في المروحة يصل إلى 130 متراً، وكل مروحة توضع على مساحة 2000 متر؛ عندما يهبّ الهواء تدور الشفرات، ما يؤدي إلى حف الهواء بطبقة النحاس الموجودة في المروحة، عندها تنتج الطاقة الكهربائية في عمود المكنة التي تذهب إما إلى محطة سنقوم نحن ببنائها أو إلى محطة القبيات الموجودة مسبقاً والعائدة إلى مؤسسة كهرباء لبنان التي ستبت وحدها الأمر”.

الدولة صاحبة قرار التوزيع

“قدرة كل مروحة نحو 4 ميغاوات، تكفي لحاجة 4000 منزل، وسنقوم بوضع نحو 20 مروحة؛ سننتج الكهرباء بكلفة نحو 11,3 سنتاً للكيلو وات/ ساعة ونبيعها للدولة التي يعود لها الحرية في كيفية توزيعها على المناطق اللبنانية، لكن إلى الآن لم نعرف تفاصيل القرار الصادر عن مجلس الوزراء لتحديد نقطة الصفر في الانطلاق بالمشروع، حيث نأمل أن يتم تأمين الكهرباء 24 على 24، بعدما تكون قد دخلت القرن الحادي والعشرين”.

لسان حال الخوري يقول “وداعاً لمشاريع الحرق، وأهلاً بمشاريع الطاقة النظيفة التي ستفتح لأهالي عكار مجال التوظيفات والإنماء، فهذه المنطقة المحرومة تعاني نقصاً في المشاريع الإنمائية ما انعكس نقصاً في الوظائف، كما ستؤمن مداخيل إضافية للبلديات، إضافة إلى خلق مشاريع سياحية تجعل من المنطقة مقصداً للسياحة اللبنانية والأجنبية، كما أن اللبنانيين جميعاً سيكونون أمام مرحلة جديدة لا مكان للظلام فيها”، لنتفاءل بالخير ونراقب!

حال الرياح جيّدة جداً في سهل عكار وتناسب انتاج الكهرباء.