لا تفوّتوا زيارة «مليتا»!

 

لا تفوّتوا زيارة «مليتا»!

 

واصف عواضة-

«مليتا» واحدة من التلال الواقعة في اعالي منطقة إقليم التفاح بجنوب لبنان. اكتسبت هذه التلة شهرتها كونها احد المواقع المهمة للمقاومة خلال الاحتلال الإسرائيلي. اليوم تحولت «مليتا» الى مَعْلم سياحي عسكري بمبادرة من «حزب الله» الذي صرف كما يبدو الكثير من الجهد والمال من أجل هذا الغرض.
المتحف الحربي في «مليتا» يستأهل الزيارة بامتياز. اكثر من خمسين مهندساً أشرفوا على الأبنية الراقية التي تضم نماذج عن مختلف المعدات الحربية التي استولت عليها المقاومة من مواقع العدو ودورياته خلال المواجهات التي جرت في فترة التحرير، فضلاً عن شروحات وافية عن الجيش الإسرائيلي وتركيبته، إضافة الى نماذج عن الأسلحة التي استخدمتها المقاومة في معارك التحرير.
والى المتحف الحربي، جولة واسعة في مواقع المقاومة في «مليتا» تمتد على مسافة ستمئة وخمسين متراً، أُعدّ مسارُها بعناية فائقة بين الأشجار الحرجية، تتخللها زيارة للأنفاق التي أقامتها المقاومة تحت الأرض، والتي نُحتت في الصخر وبأعماق تعصى على اعتى القنابل، وتُبرز الجهد الكبير الذي بُذل من أجل ذلك، بحيث يخرج الزائر بسؤال بديهي: «اذا كان المسموح رؤيته من مواقع المقاومة للعموم بهذه العظمة ، فكيف بالمواقع غير المسموح رؤيتها حتى الآن». ويأتيك الجواب سريعا: «دع مخيلتك ترسم الصورة».


لم تكتمل بعد بصورة نهائية معالم «مليتا». العمل جار على إقامة فندق ومطعم وأماكن لتسلية الزائرين، فضلاً عن مواقف تتسع لآلاف السيارات. لكن المنشأة المميزة والمذهلة التي تم تلزيمها لشركة كورية وينتهي العمل بها بعد عامين، تتمثل في «تلفريك» (على غرار تلفريك جونيه) يربط بين تلة «مليتا» وتلة «سجد» بطول نحو ثلاثة كيلومترات فوق وادي نبع الطاسة، ويُمكّن الزائرين من الانتقال بين التلتين بالمصعد الكهربائي المعلق. وسيكون هذا «التلفريك» مَعْلماً مميزاً في جنوب لبنان، وهو المَعْلم الثالث من هذا الطراز في لبنان بعد جونيه وجعيتا.

والواقع ان هذا العمل الجبار ليس المَعْلم السياحي الوحيد الذي يشهده جنوب لبنان بعد حرب تموز عام 2006. ثمة معالم أخرى انجزت او يجري العمل على استكمالها، لعل ابرزها المنتزه الرائع في بلدة مارون الراس على الحدود الجنوبية، وهو يشرف من علو مرتفع على جزء كبير من الاراضي الفلسطينية المحتلة حيث تنبسط المستعمرات الاسرائيلية، وقد تولت إنشاءه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وتأتي هذه المعالم وسط حركة إنمائية شاملة يشهدها الجنوب اللبناني منذ اربع سنوات، ويشترك فيها حزب الله وحركة «أمل» والمغتربون الجنوبيون وإيران. وقد أنجزت الجمهورية الإسلامية نحو خمسمئة كيلومتر من الطرق الرئيسية التي اعادت تأهيلها بمواصفات جيدة. وكان للإسهامات المالية والتعويضات التي قدمتها دول عربية، كالسعودية وقطر والكويت وسوريا واليمن، دور أساسي في هذه الحركة الإنمائية التي نقلت جنوب لبنان الى واقع جديد، لكنه ما زال يحتاج الى الكثير. ويؤلم الجنوبيين أن دولتهم، التي توقعوا منها الكثير بعد التحرير، بقيت في آخر اللائحة المساهمة في عملية الإنماء. ويبدو في ظل هذا الغياب للدولة، ان ثمة من قرر تحويل «مليتا» الى سياسة سياحية وإنمائية في جنوب لبنان. فالقاعدة الثابتة انه حيث يحل الفراغ يجد من يملأه. وليس غريباً أن تنسحب هذه القاعدة على المقاومة. فلو كانت في لبنان من الاساس دولة قوية تحمي حدودها وتهتم بناسها لما كانت هناك حاجة للمقاومة التي تتنكب اليوم أيضاً لعملية الإنماء.
في الخلاصة، بات جنوب لبنان منطقة سياحية تستحق الزيارة بعد سنوات طويلة من القحط.. فلا تفوّتوا الفرصة!

 Reference: tayyar.org