Baldati

شحيم  عبر التاريخ

هي "كتاب الصلاة والخصوبة"... وهي الجحيم على الاعداء اذ يغزونها"، شحيم هكذا ورد اصل تسميتها في الآرامية السريانية وفي كتب الاحداث والقتال. لكنها ومع هذا وذاك، تبقى حبة العقد في اقليم الخروب، وتعتبر عاصمته، رغم أن تاريخها العتيق يعود بها حتى العصر الحجري، اذ كانت مغمورة بماء البحر، كما معظم الشرق. تبدأ قصة شحيم عبر التاريخ في "حي الحوطة" شرقي البلدة حيث اكشتفت آثار اعتبرت الاقدم تاريخياً، وتعود لجماعة استوطنت المنطقة غابراً، وتشمل هذه الآثار مقابر مطمورة تحت طبقات من التراب، داخلها هياكل عظيمة موضوعة في جرار مدفنية كبيرة، الى نحو 30 قطعة فخارية مختلفة الالوان والانواع والاحجام، مع نصلين من البرونز لخنجرين يثبتان بقبضة خشبية. لكن ابرز شواهد المراكز السكنية القديمة التي اندثرت معالمها في المنطقة، موجودة في وادي "برق" قرب "عين الخميس" التي تعرضت للنهب والتشويه منذ زمن بعيد، وفي الجهة الجنوبية من حفة الحجل حيث اكشتفت مدافن تحوي قطعاً فخارية وادوات منزلية من مادة البرونز، وذلك اثناء اعمال الحفر لبناء احد المنازل.وعلى الضفة الشمالية لنهر روبين المسماة رأس العين، عثر على عدة نواويس محفورة في كتلة صخرية، كما حفرت على سطح الصخرة الملساء مجار طويلة لتحويل مياه الامطار عن فتحات النواويس، ونحتت كتل مستديرة وفجوات في الصخر لتثبيت الاغطية الحجرية فوق النواويس التي وللأسف حطمت ولم يبق لها اثر.

قصر شحيم:

على تلة في الطرف الشمالي للبلدة، في منطقة تبلغ مساحتها 40 دونماً، يقع "قصر شحيم"، وهو تجمع اثري يحوي معبداً رومانياً، ومعاصر زيتون قديمة، إلى كنيسة بيزنطية وبعض المنازل والخرائب غير المنبوشة. ظهرت شحيم إلى الواجهة في علم الآثار في القرن الماضي حين ذكرها رينان في كتابه "بعثة إلى فينيقيا"، وروى انه تلقى (في 27 كانون الاول 1862) رسالة من مساعده "ديرغيللو" الذي كان على ما يبدو يجول في منطقة اقليم الخروب، يطلعه فيها على معلومات هامة عن قرى برجا وشحيم وسواها. وقد ارسل له رسماً تقريبياً عن بوابة من حجارة مقصوبة كبيرة الحجم ومعها صورتان احداهما لرأس يشع منه نور الشمس. ويتابع رينان انه في الثاني عشر من شباط التالي، اخبره ديرغيللو عن آثار من الحجارة المقصوبة في شحيم وقرية فوق برجا والنبي يونس تقوم فهيا البوابة التي ذكرها له. وفي الخمسينات استملكت مديرية الآثار اللبنانية موقع القصر والمنطقة المحيطة به واقامت على حدوده سوراً من الحجارة الاثرية. وقد باشرت حفرياتها في الستينات الا انها ما لبثت أن توقفت مع اندلاع الحرب. وظهرت في هذه الفترة القصيرة نسبياً, الأقسام الرئيسية للموقع, ومنها الأعمدة الرخامية والتيجان والكورنثية وحدود المعبد الروماني وبعض الأبنية السكنية المهدمة. كما تم العثور على تمثال لامرأة وعلى العديد من القطع الفخارية, إلى ميزان قيّم من البرونز بحالة ممتازة تم نقله إلى المتحف في بيروت. وفي العام 1996 وصلت بعثة أثرية بولونية تتألف من خبراء وطلاب من المركز البولوني للآثار المتوسطية في جامعة فرصوفيا بالتنسيق والتعاون مع هيئة من جامعة القديس يوسف في بيروت, وباشرت أعمال التنقيب التي أثمرت إكتشافات مذهلة, ظهر على أثرها أن المعبد الروماني الصغير الذي بني في القرن الأول ميلادي مع الباحة أمامه, كان أول الإنشاءات في مجموعة الأبنية التي يتألف منها قصر شحيم.