كي مون يتفقد دمارا "مفجع" في غزة

زار الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون قطاع غزة يوم الثلاثاء حيث عبر عن الصدمة والغضب ازاء مشاهد دمار قال انه "يدمي القلب" وتعهد بمساعدة الفلسطينيين في أعقاب هجمات اسرائيلية قتلت 1300 شخص وشردت الالاف.
وسحبت اسرائيل معظم قواتها قبل تنصيب الرئيس الاميركي الجديد باراك أوباما فيما يبدو أنه حرص من القادة الاٍسرائيليين على عدم تعكير صفو بداية عهد جديد في تحالف رئيسي. وكان سلف أوباما الرئيس السابق جورج بوش أيد الهجوم الذي استمر ثلاثة أسابيع باعتباره ردا مشروعا على اطلاق الصواريخ من جانب الاسلاميين الذين يحكمون غزة.
 فيما أعلنت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني أن اسرائيل لن تتعاون وتقدم أي تسهيلات لسكان قطاع غزة او تفتح المعابر قبل ان يتم الافراج عن الجندي الاسير لدى حماس جلعاد شاليط، على، واضافت ليفني في خطاب القته في كلية الادارة في مستعمرة ريشون لتسيون "إنه إذا كانت حماس ترغب بالحصول على شيء من إسرائيل مثل فتح المعابر، فإنها لن تحصل عليه قبل الإفراج عن شاليط ".
ومنذ وقف اطلاق النار الذي بدأ سريانه يوم الاحد أظهرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) أنها لاتزال تسيطر على القطاع الساحلي. وقد نظمت مسيرات "النصر" بحيث تتزامن مع زيارة بان. وحث بعض المتحدثين بان والقوى الغربية على انهاء مقاطعة الحركة التي فازت بالانتخابات الفلسطينية الاخيرة.
وقال بان "لقد رأيت جزءا بسيطا فحسب من الدمار. هذا يبعث على الصدمة والانزعاج." وأدان "الاستخدام المفرط" للقوة من جانب اسرائيل وزخات الصواريخ من جانب النشطاء الفلسطينيين.
وأبلغ مؤتمرا صحفيا أقيم في مستودع للامم المتحدة تعرض لقصف اسرائيلي الخميس الماضي ولاتزال المساعدات الغذائية داخله تحترق "هذه مشاهد تدمي القلب تلك التي رأيتها وانني لاشعر بحزن عميق لما رأيته اليوم."

ووصف بان الهجوم بأنه "وحشي" وطالب بإجراء تحقيق ومحاسبة المذنبين. لكنه لم ينس انتقاد حماس لإطلاقها الصواريخ وأضاف أن اسرائيل استخدمت "قوة مفرطة".
وتقول اسرائيل ان حماس تقاتل قرب المدنيين ومواقع تديرها الأمم المتحدة التي تساعد جانبا كبيرا من سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة ينحدر معظمهم من أسر لاجئين فروا أو أجبروا على النزوح عن ديارهم فيما أصبح لاحقا دولة اسرائيل عام 1948.
وبان الذي يقوم بجولة في الشرق الأوسط هو أكبر شخصية دولية تزور القطاع منذ طردت حماس قوات حركة فتح الموالية للرئيس الفلسطيني المدعوم من الغرب محمود عباس وفرضت سيطرتها على غزة في يونيو حزيران 2007.
ورغم قول وكالات الاغاثة انها تعتزم ارسال إمدادات ضخمة الى أهالي غزة عبر معابر اسرائيلية إلا أن تقديم المساعدة ستشوبه تعقيدات من جراء مقاطعة الغرب لحماس باعتبارها منظمة "ارهابية" وحصار اسرائيلي على كثير من المواد التي يمكن استخدامها لصناعة أسلحة مثل مواد البناء.
ومن ثم حث بان الفلسطينيين على معالجة خلافاتهما السياسية في اطار السلطة الفلسطينية برئاسة عباس لكي يحققوا امالهم في اقامة دولة والتوصل الى سلام مع اٍسرائيل.
وقال بان "أدعو فتح وحماس وكل الفصائل الفلسطينية الى وحدة الصف في اطار السلطة الفلسطينية ذات الشرعية" وحث على انهاء الانقسام بين حماس في غزة وعباس في الضفة الغربية والذي أصاب بالشلل محادثات السلام.

ونظم الآلاف من أنصار حماس الذين لوح كثيرون منهم بأعلام الحركة مسيرة في غزة وأخرى خارج مجمع الامم المتحدة أثناء زيارة بان. وطالب المتحدثون باعتراف من الامم المتحدة.
وقال أحدهم "حكومة حماس انتخبت في اقتراع شعبي .. نطالب بإنهاء ازدواجية المعايير."
وتقول الامم المتحدة وسائر الوسطاء الرئيسيين في الشرق الاوسط انهم لن يتعاملوا مع حماس قبل أن تعترف باسرائيل وتنبذ العنف وتقبل اتفاقات السلام المؤقتة.
ووسط الحشد الذي وقف خارج مقر الامم المتحدة في غزة انتقد المهندس أبو مراد غالب (40 عاما) ما يرى كثير من الفلسطينيين أنه فشل متكرر في فرض قررات الامم المتحدة بشأن السلام على اٍسرائيل.
وقال غالب "انه مجرد صورة بلا صوت .. لست هنا لمناصرة حماس لكنني هنا لكي أقول للامم المتحدة ان اسرائيل هي القوة الوحيدة على وجه الارض واننا لن نرضخ لها."
ويأمل القادة الاسرائيليون في أن يقوض الدمار الذي لحق بغزة شعبية حماس. وثمة مؤشرات على نفاد صبر البعض.
أحد هؤلاء كان وائل عيد الذي وقف يرقب المسيرة أيضا من خارج المباني التي تركت الحرب أثارها عليها وقد قال "حماس بالغت في تقدير قوتها ... وجلبت هذا الدمار الواسع.
"العالم كله خذلنا لذا ينبغي الآن أن نسعى الى اتفاق سلام مع اسرائيل."
وقال مصدر أمني اسرائيلي ان جانبا كبيرا من عملية الانسحاب قد استكمل كما هو مخطط له قبل تنصيب أوباما لكن بعض القوات لاتزال ترابط داخل القطاع. ورأي محللون في الانسحاب محاولة لتجنب أي توتر مع الرئيس الاميركي الجديد.

وعاد كثير من الفلسطينيين الى انقاض ما كان منازلهم في احياء مدينة غزة التي تعرضت لقصف شديد اثناء القتال وتفقدوا الانقاض في محاولة لاسترداد مقتنياتهم.
وقال نبيل سلطان معلقا بسخرية على لافتات انتصار حماس بينما كان يتفقد أنقاض منزله على مشارف مدينة غزة "لقد انتصرنا في الحرب. لكننا خسرنا كل شيء." وقال وهو يشير الى كومة من الخرسانة المحطمة والفرش الممزقة "كان هذا منزلي."
وقال مسؤولو حماس ان طفلين يلعبان بقنبلة لم تنفجر قتلا عندما انفجرت. ووردت تقارير متفرقة ومتضاربة عن حوادث اطلاق نار لكن لا انتهاك صريحا لوقف اطلاق النار.
وفي وقت لاحق قام بان الذي التقى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت قبل التوجه الى غزة بزيارة الى جنوب اسرائيل الذي ضربته الصواريخ الفلسطينية خلال حرب غزة. وفي مكتب أولمرت قال بان انه يريد المساعدة في تحقيق وقف اطلاق نار "دائم".
وقال مسؤولون طبيون في غزة ان من بين قتلى الفلسطينيين 700 مدني على الاقل. وتقول اسرائيل ان مئات النشطاء لقوا حتفهم.
وتقدر الامم المتحدة قيمة المساعدات الطارئة المطلوبة بنحو 330 مليون دولار. وبحسب تقديرات فلسطينية ودولية تستلزم اعادة البناء اذا أمكن اطلاقها في ضوء الجمود بين حماس والغرب نحو ملياري دولار.
وتقول اسرائيل انها تأمل في زيادة عدد الشاحنات التي تنقل الامدادات لاكثر من ثلاثة أمثاله الى حوالي 500 شاحنة في اليوم.